أعلنت إثيوبيا في السادس والعشرين من أغسطس الماضي إنجازها التاريخيَّ بالانتهاءِ من أعمالِ بناءِ سدِّ النهضة والانتقال إلى مرحلة التشغيل معتقدةً أن غريمها المصري فَقَدَ كلَّ أوراقِه على صخرة الواقع. غيرَ أنَّ إجابةَ القاهرة جاءت في يومين في مقديشو.
فبعدَ أربعٍ وعشرين ساعةً من قول آبي أحمد من موقعِ سدِّ النهضة في إقليم بني شنقول: "يمكننا الإعلان عن اكتمال سدِّ النهضة مئة في المئة بحلول ديسمبر المقبل"، وصلت طائرتان عسكريتان مصريتان إلى الصومال محمّلتان بجنود وأسلحة وعتاد عسكري. وصول الطائرتين كان من اتفاقية تعاونٍ مصريٍّ صوماليٍّ لقطعِ الطَّريق على وصولِ إثيوبيا إلى منفذٍ دائمٍ على البحر الأحمر من ناحية، والمشاركة في قواتِ حفظ السلام الإفريقية في مقديشو من ناحية أخرى، وهو ما يضمن وجوداً مصريّاً عسكريّاً في مناطق الصومال وأقاليمها المختلفة خصوصاً الحدودية مع إثيوبيا.
الحضورُ العسكريُّ المصريُّ المفاجئ على الأراضي الصومالية أربك الحسابات الإثيوبية وقوَّض آمالَها في تحقيق حلمِها في السيطرة على النهر والبحر معاً قبل نهاية سنة 2024، وزاد من احتمالات المواجهةِ العسكريةِ بينَ الدولتين الكبيرتين عربياً وإفريقياً.
افتتحت إثيوبيا العامَ الحاليَّ بتوقيع مذكرة تفاهمٍ مع جمهورية أرض الصومال الانفصالية، التي تعدُّها الصومالُ جزءاً من أراضيها، ولم تعترف بها أيُّ دولة منذ انفصالها قبل ثلاثين عاماً. تنص المذكرة على منح أرض الصومال أديس أبابا مرفأً على البحر الأحمر يُطِلُّ على خليج عدن بمساحةِ تبلغُ عشرين كيلومتراً بنظامِ إيجار خمسين عاماً. هذا الميناء سيتيح لإثيوبيا بناء قاعدة عسكرية مقابل اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال ومنحها حصةً من أرباح شركة الخطوط الجوية الإثيوبية الأكبر في إفريقيا، ما يعد جرأةً لا مثيل لها من إثيوبيا على الصومال. سبق أن ألغت الصومال سنة 2018 اتفاقاً مشابهاً بين أرض الصومال وإثيوبيا والإمارات، كانت بموجبه ستسيطر شركة موانئ دبي على 51 بالمئة من أسهم ميناء بربرة مقابل 30 بالمئة لأرض الصومال و 19 بالمئة لإثيوبيا.
خلّفت مذكرة التفاهم عاصفةً من الرفض والانتقادات في الصومال وخارجها، فتلقفته مصر ورئيسها على طبق من ذهب مستغلةً خلافات إثيوبيا الدولة الأكبر والأكثر نفوذاً في منطقة القرن الإفريقي مع جيرانها الصومال وإريتريا وجيبوتي في مواجهتها على أرض الصومال في معركة جديدة. كانت هذه المعركةُ عقب معركةِ سدِّ النهضة التي حسمها آبي أحمد بالمضيِّ قدماً في إنهاء مراحل بناء السد جميعها وملئه من غير اكتراثٍ لمطالب مصر والسودان بوجود اتفاق قانوني يُلزم بلاده بعدم المساس بحصتيهما التاريخية من مياه النيل. وهذا الوضع من شأنه أن يغيّر حساباتِ المكسب والخسارة في العلاقات المصرية الإثيوبية من ناحية، ويفتح الباب لاحتمالاتٍ كثيرة من ناحية أخرى، تبدأ من تسوية إثيوبيا خلافاتِها مع جيرانها وعودتها إلى طاولة المفاوضات للنظر في مطالب دولتَيِّ المصب في حوض النيل وتنتهي بحرب طويلة الأمد تعصف باستقرار المنطقة الإقليمية كلها.
في خضم اهتمامها بدول القرن الإفريقي وتوقيعها اتفاقات تعاون في مجالات عدة مع كثير من الدول، افتتحت إثيوبيا العام الحالي بتوقيع مذكرة تفاهم مع جمهورية أرض الصومال لتوفر لها الأخيرة منفذاً بحرياً يُطِلُّ على خليج عدن. هذا سيُحرِّرُها من حبستها المفروضة عليها منذ سنة 1998 ويعيدها دولةً ساحلية من جديد مطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.
وتُعدُّ دولةُ الصومالِ الفيدرالية أرضَ الصومال جزءاً مِن أراضيها، لا يحقُّ لها التفاوض وإبرام الاتفاقيات منفردةً، وذلك منذ أن شكَّلت مع الصومال اتّحاداً سنة 1960 بعد أن كانت محميّة بريطانية، مع إعلان أرض الصومال استقلالها سنة 1991 وسكِّ عملتها وإصدار جواز سفر لمواطنيها الذين لم يتجاوزوا ستة ملايين نسمة.
يُعيدُ الاتفاقُ لإثيوبيا ما فقدته جزئياً منذ استقلال إريتريا عنها في 1993 وانتقال تبعية مدينتي عصب ومصوع الساحليتين إلى إريتريا. ثم فقدت إثيوبيا الموانئ كلياً بعد حرب البلدين في 1998 والخلافات السياسية والاقتصادية بينهما، لتعتمد السفن الإثيوبية منذ ذلك الوقت على ميناء جيبوتي في 95 بالمئة من وارداتها وصادراتها، مقابل مليار ونصف إلى ملياري دولار سنوياً.
تسبب الاتفاق في مظاهراتٍ كبيرة في العاصمة مقديشو في يناير الماضي، وتصاعد الغضب الصومالي لما وُصف بالأطماع الإثيوبية فطردت الصومالُ السفيرَ الإثيوبيَّ وأغلقت قنصليتَها واستدعت مبعوثها من أديس أبابا. وهدّدت الصومال بتوبيخ الشركات التي تتعامل مع "أرض الصومال" دولةً مستقلة، وفق تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ". خافت دولٌ، بما فيها الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا، من إمكانية تفاقم الوضع بخليج عدن الممر المهم للتجارة والملاحة البحرية العالمية.
الغضبُ من الاتفاقية امتدَّ مِن الصومال إلى باقي دول الجوار الإثيوبيّ، خصوصاً إريتريا وجيبوتي. لأنَّ منحَ الدولةِ الغنية بالأنهار منفذاً بحرياً تطلُّ منه على البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي سيُكَبِّدُ ميناءَ جيبوتي، الذي تعتمدُ إثيوبيا عليه في التصدير، مليارات الدولارات. ويقوّي طموحات آبي أحمد التوسعية في زعامةِ منطقةِ القرنِ الإفريقي والسيطرة على الموانئ الإريترية وإعادتها إلى بلادِه من جديد.
كانت مصر من أوائل الدول التي أعلنت رفضَ الاتفاق، واستضافَ الرئيسُ المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة نظيرَه الصومالي حسن شيخ محمد في الثالث والعشرين من يناير الماضي، وقال في مؤتمر صحفي جمعهما إنَّ بلاده "لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المس بأمنه"، وأضاف "محدش يجرب مصر ويحاول يهدد أشقاءها، خاصة إذا طلب أشقاؤها منها التدخل". ووجَّهَ السيسي حديثَه إلى أديس أبابا قائلاً "رسالتي لإثيوبيا: لكي تحصل على تسهيلات من الأشقاء في الصومال وجيبوتي وإريتريا يجب أن يكون عبر الوسائل التقليدية المتعارف عليها، والاستفادة من الموانئ، وهذا إطار لا يرفضه أحد، ولكن محاولة القفز على أرض من الأراضي لمحاولة السيطرة عليها لن يوافق أحد على ذلك". وقد سبق ذلك زيارةُ وزير الخارجية المصري وقتَها سامح شكري إلى إريتريا وتسليمه رسالة من السيسي عمَّا يحدث في الصومال.
رسالة الدعم التي أطلقها الرئيسُ المصريُّ للصومالِ في يناير الماضي لم تتبعها أي خطوات تنفيذية في مصرَ سوى استضافةِ السيسي حسن شيخ محمود مرةً ثانية منتصفَ أغسطس الماضي وإعلانِ الجانبين توقيعَ اتفاقيةِ تعاونٍ عسكريٍّ وتعميقَ التعاون بينهما اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ولم توضحْ بنودُ الاتفاقية وحدودَ التعاونِ العسكريِّ وتداعياتِه على الأرض في الصومال.
استبَقتْ الحكومةُ الصوماليةُ إعلان القاهرة توقيعَ الاتفاقية، وأعلنت في التاسع عشر من يوليو الماضي موافقتَها عليه في جلسة عاجلة، موضحة أنَّ التعاونَ معَ مصرَ يشملُ تحسينَ القدرات الأمنية والدفاعية للقوات الصومالية ويمتدُّ إلى التدريبِ وتبادل المعلومات الاستخباراتية. بينما حدَّدَ القياديُّ العسكريُّ المصري السابق اللواء سمير فرج، المقرب من الرئيس المصري، أهدافَ الاتفاقية لصحيفة الشرق الأوسط في تدريب الجيش الصومالي لمواجهة الجماعات الإرهابية وعلى رأسها حركة الشباب وتأمين الملاحة البحرية في منطقة جنوب البحر الأحمر، فضلاً عن الاحتواء الاستراتيجي لدول جوار إثيوبيا وموازنة الوجود التركي في المنطقة.
ما بين زيارتيّ الرئيسِ الصومالي مصرَ وتوقيعِ اتفاقيةِ التعاونِ المشتركِ بينَ البلدين، انضمَّتْ تركيا مالكةِ أكبر قاعدةٍ عسكريةٍ خارجَ حدودِها في مقديشو إلى الجانب الصومالي. فقد وقَّع وزيرُ دفاعِها مع نظيره الصومالي في أنقرة في الثامن من فبراير الماضي اتفاقيةَ تعاونٍ دفاعيٍّ واقتصادي، تبعه إعلانُ وزيرِ الدفاع الصومالي في الحادي والعشرين من فبراير الماضي موافقةَ كلٍّ منَ الحكومةِ والبرلمان الصومالي على اتفاق التعاون الدفاعي والاقتصادي مع تركيا عاجلاً. فسرتْ مصادرُ تركية لموقع قناة الجزيرة رغبةَ الصومال العاجلة بأنها محاولة لمواجهة الاتفاق الإثيوبي مع أرضِ الصومال وتفادي تدهور الوضع في الصومال. بينما أرجعه رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الإفريقية في إسطنبول مصطفى إفه في تصريحات سابقة لموقع قناة الجزيرة إلى رغبة الصومال في الاستعانة بتركيا في مواجهةِ الاتفاق الذي تدعمه بريطانيا والدول المقربة منها، بينها الإمارات التي تدعم إثيوبيا وأرض الصومال معاً.
تحضر الإمارات في إقليم أرض الصومال في العقد الأخير، فقد أعلنَ رئيسُ الإقليم موسى عبدي تدريبَ الإمارات قواتِ أمنٍ في المنطقة في إطار اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية هناك. وكانت أبوظبي قد بدأت سنة 2017 إنشاءَ القاعدة على موقع بمطار بربرة بالإقليم الانفصالي، الذي سمح لها بالبقاء فيها خمسة وعشرين عاماً. وتبعد بربرة نحو ثلاثمئة كيلومتر إلى الجنوب من سواحل اليمن، وفي أكتوبر 2019 دشنت شركة موانئ دبي العالمية مشروعاً قيمته مئة ومليون دولار لتوسيع ميناء بربرة الذي تُصدَّر منه الإبلُ إلى الشرق الأوسط ويُستوردُ الغذاء وغيره.
أعلن الجانب التركي أن اتفاقه مع الصومال سيمتد عشر سنوات من وقت توقيعه في فبراير 2024، وأنه يتضمن فتح المجال الجوي الصومالي والمناطق الأمنية كاملةً لأنقرة، وإنشاء قوة بحرية مشتركة بسفن حربية وجنود أتراك لحمايةِ ساحل الصومال من كينيا إلى جيبوتي، وتقديم الدعم التدريبيِّ والتقني والمعدات للجيش الصومالي وغيرها من البنود.
كانت أيضاً تركيا، التي لجأت لها الصومال للتصدي لإثيوبيا وحلفائها الإمارات وبريطانيا وغيرهم، ملجأَ إثيوبيا للوساطةِ مع الصومال. فقد طلب آبي أحمد في زيارته أنقرةَ من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التوسطَ بينَ بلاده والصومال، فعقد وزيرُ الخارجية التركي في يوليو الماضي اجتماعاً جمعَ وزيري خارجية الصومال وإثيوبيا في أنقرة لتقريبِ وجهات النظر. لكن الاجتماع لم يسفر عن شيء، فعُقدتْ جولةٌ أخرى من المحادثات برعاية تركيا في أنقرة في الثاني عشر من أغسطس الماضي بحضور وزراء خارجية الدول الثلاث لكن بلا جدوى أيضاً.
بعد جلسة المفاوضات الثانية بين وزراء خارجية تركيا وإثيوبيا والصومال، وضعت مصرُ نفسَها من جديد في صدارة المشهد بإعلان الصومال في السابع والعشرين من أغسطس الماضي وصولَ معداتٍ ووفودٍ عسكرية مصرية على طائرتين عسكريتين طراز سي مئة وثلاثين مطارَ آدم عدي الدولي في مقديشو، في خطة نشر عشرة آلاف جندي مصري في الصومال عقب اتفاقية دفاعية بين البلدين. قابلتْ إثيوبيا هذا الموقف بإعلان نقل قوات عسكرية إضافية إلى حدودها مع الصومال، وإعلان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية أنَّ بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتَّخذُ جهاتٌ أخرى، لم يسمّها، تدابيرَ لزعزعة استقرار المنطقة وتهديدِ أمن بلاده القومي. وحذَّر المتحدثُ الإثيوبي القوى التي تحاول تأجيج التوتر لتحقيق أهدافٍ "قصيرة الأمد والعقيمة". وهو ما أكده الرئيس الإثيوبي في حديثه في الثامن من سبتمبر الجاري عندَ احتفاله بيوم السيادة في أديس أبابا، قائلاً "لن نسمح بأي مساس بنا، وسنذل كل من يجرؤ على تهديدنا من أجل ردعه".وأضاف آبي أحمد الذي لم يسمّ أيَّ دولة سواء مصر أو الصومال "لن نتفاوض مع أحد بشأن سيادة إثيوبيا وكرامتها"
التزم الجانبُ المصري الصمت، ولم يٌعلن أيَّ تفاصيل عن التعاون العسكري مع الصومال ولم يُشر عسكرياً أو دبلوماسياً إلى الطائرتين العسكريتين. وذكر وكيلُ لجنةِ الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب يحيى كدواني أنَّ الاتفاقَ المبرمَ بينَ الجانبين المصري والصومالي بشأن التعاون العسكري لم يُعرضْ على مجلسِ النّواب، مضيفاً "لا نعرف حدود دور القوات المصرية في الصومال والتعاون العسكري بين البلدين، وما إذا كانت ستتضمن مهام قتالية أم تقتصر على التدريب والدعم الفني للقوات الصومالية".
ويُلزِم الدستورُ المصريُّ رئيسَ الجمهورية بعرض قراراته بإعلان الحرب أو إرسال القوات المسلحة فى مهامَّ قتالية خارجَ الحدود على مجلس النواب وموافقة ثلثي أعضائه عليها فى جلسة سرية عاجلة يعقدها المجلسُ بطلبِ رئيس الجمهورية بعدَ أخذ رأي مجلسِ الدفاع الوطني، وهو ما لم يحدث في الاتفاق المبرم مع الصومال.
نقلت صحيفةُ "العربي الجديد" في الثلاثين من أغسطس، عن مصادر لم تسمها، أنباء عن وجود تنسيقٍ عسكريٍّ مصريٍّ تركي في الصومال. وعزَّز تلك الأنباء استقبالُ أنقرةَ السيسي في الرابع من سبتمبر، في أول زيارة له لتركيا بعد قطيعة استمرت اثنتي عشرة سنة في أعقاب إبعاد الجيشِ الرئيس المصري السابق محمد مرسي عن الحكم. وقد أكد السيسي وإردوغان في لقائهما في أنقرة الاتفاقَ في ملفات إقليمية عدة من بينها الصومال، وقال السيسي في مؤتمر صحفي جمعه بإردوغان إنهما اتفقا على ضرورة الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته وسلامة أراضيه ضدَّ التهديدات التي تواجهه.
أشارت مصادر "العربي الجديد" إلى ما هو أبعدُ من التقارب المصري التركي سياسياً في دعم موقف الصومال في أزمتها مع إثيوبيا، وهو التنسيق العسكري بينهما ووصول "قطع بحرية عسكرية تركية، إلى السواحل المصرية مطلع الأسبوع الأخير في أغسطس، تمهيداً إلى توجهها نحو السواحل الصومالية برفقة قطع بحرية مصرية مقاتلة، إلى جانب الطائرتين المصريتين اللتين وصلتا مقديشو". وهو ما لم ينفه الجانبان المصري والتركي ولم يؤكِّدانه أيضاً.
حدد السيسي هدفَ الوجودِ العسكريِّ المصريِّ في الصومال منتصفَ أغسطس الماضي قائلاً في مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس الصومالي إنَّ "مصر ستتقدم باعتبارها عضواً في الاتحاد الإفريقي بطلب المشاركة في بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال، والتي سيتم إرسالها بداية العام المقبل". وربط "مشاركة القوات المصرية بموافقة الدولة المضيفة (الصومال)"، مشيراً إلى أنَّ "بلاده سترأس مجلس السلم والأمن الإفريقي أكتوبر المقبل". وعدَّ ذلك "فرصة للعمل على دعم الأمن والاستقرار بالصومال ودعمه في مواجهة خطر الإرهاب".
لم تعلق القاهرة حتى كتابة هذه السطور على ما نشرته وسائلُ الإعلام الصومالية عن وصول الطائرتين العسكريتين المصريتين إلى الصومال وماهية المعدَّات وعدد الجنود التي أرسلتهم إلى مقديشو. أما السفيرُ الصومالي بالقاهرة علي عبدي فقد عبَّر عن امتنان بلاده لتعهدِ مصرَ بأن تكون من أوائل الدول التي تنشرُ قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية، وقال في بيان له في الثامن والعشرين من أغسطس الماضي إنَّ اتفاقية الدفاع المشترك التي وُقّعتْ بين مصر والصومال "ستمنع الفراغ الأمني في الصومال". مع تأكيد وسائل الإعلام الصومالية والسفير الصومالي في القاهرة وصولَ قوات ومعدات عسكرية مصرية مطارَ آدم عدي على متن الطائرتين العسكريتين المصريتين، إلا أنَّ وزير الخارجية الصومالي نفاه في حديث لقناة الجزيرة في الحادي عشر من سبتمبر الجاري، معبراً عن أمله في وصولها قريباً.
بدأت إثيوبيا بناءَ سدِّ النهضة أوائلَ سنة 2011 بتكلفة أربعة مليارات وسبعمئة مليون دولار أمريكي، وسطَ اعتراضاتِ دولتَيِّ المصب بحوض النيل مصر والسودان، ووساطات لم تؤتِ ثمارها من الولايات المتحدة والبنك الدولي وأطراف خليجية ودولية أخرى للتوصل إلى اتفاق يضمن الحفاظ على حصة الدولتين من المياه بعد تشغيل السد. وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، فنهر النيل هو المصدر الرئيسُ للمياه في مصر، وتبلغ حصة مصر من مياهه خمسة وخمسين ونصف مليار متر مكعب، تمثل أكثر من 79 بالمئة من الموارد المائية للبلاد وتغطي 95 بالمئة من الاحتياجات المائية للبلاد. وتهدف أديس أبابا إلى السيطرة على نصف تدفق النيل لتشغيل السد الجديد لتوليد الطاقة "الكهرومائية" أو الكهرباء الناتجة عن التدفق السريع للماء.
ولفت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى أن مشاركة مصر في قوات حفظ السلام في الصومال ليست موجهةً لإثيوبيا إنما لدعم الصومال في الدفاع عن أراضيه ومواجهة خطر التنظيمات الإرهابية لا سيما منظمة الشباب المحسوبة على تنظيم القاعدة. وسبق أن شاركت مصر في بعثات حفظ السلام في الصومال وعدد من الدول الإفريقية الأخرى.
وأشار رخا إلى أن الوجودَ المصريَّ في منطقة القرن الأفريقي بادرةٌ إيجابيةٌ من مصر للعودة إلى إفريقيا بعد تراجع مصر الناصرية ودورها في القارة، وهو دور ما زال الصوماليون يذكرونه حتى اليوم. وأضاف أن اتفاقياتِ التعاون الثنائي بين القاهرة ومقديشو لها قبولٌ لا يقارن بغيره من الحضور العربي والدولي عند الشعب الصومالي. غير أنَّه يرى أن تأثير العودة المصرية إلى إفريقيا في أحسن الأحوال قد يشجع إثيوبيا على العودة إلى التفاوض لتحديد طريقة توزيع المياه بعد تشغيل السد.
وذكر رخا أن وجودَ دورٍ فاعل لمصر في الصومال يتوقف على قدرة الصومال نفسِه على المضي قدماً في الخلاف مع إثيوبيا. فخلاف إثيوبيا مع الصومال وإريتريا وجيبوتي قد ينتهي بين لحظة وأخرى إذا قبلت إثيوبيا التنسيقَ مع الدول الثلاث لإيجاد منفذ دائم لأيٍّ منها على البحر الأحمر وإلغاء مذكرة التفاهم مع أرض الصومال.
وقد أعلن وزير خارجية جيبوتي محمد علي يوسف في الثلاثين من أغسطس الماضي، في مقابلة مع إذاعة "بي بي سي"، أن بلاده على وشك أن تقترح على إثيوبيا طريقاً بديلاً إلى خليج عدن في منطقة تاجورة تديره إثيوبيا بالكامل لوقف التصعيد والتوتر في منطقة القرن الإفريقي. وهو المقترح الذي لم تعلق عليه إثيوبيا حتى كتابة هذه السطور، بينما عدّه مدير مركز هيرال للدراسات الأمنية في الصومال محمد مبارك فعَّالاً في احتواء الأزمة في منطقة القرن الإفريقي بين الصومال وإثيوبيا من ناحية، وبين إثيوبيا ومصر وحلفائهما من ناحية أخرى. موضحاً أن الصومال يريد اعتذاراً علنياً من إثيوبيا عن الاعتراف بإقليم أرض الصومال، وتأكيداً منها على وحدة أراضيها. ويؤكد مبارك أنه من غير المرجح أن تُغيِّرَ إثيوبيا مسارها من غير أن تتراجع الصومال عن علاقتها مع مصر.
وبخلافِ رأي الدبلوماسي المصري، يتفق الباحث الصومالي مبارك مع آخر إثيوبي على أن الوجود العسكري المصري في الصومال لا ينفصل عن مسار قضية سدِّ النهضة والرغبة في تقويض نفوذ إثيوبيا ومنع وصولها إلى منفذ بحري. وذكرَ مبارك أن الانتشارَ المصري في الصومال ما يزال غير واضح، ولا يُعرف إن كانت القوات المصرية ستشارك في عمليات ضدَّ حركة الشباب الإرهابية أم أن وجود القوات لأغراض سياسية لصدّ نفوذ إثيوبيا أكثر من كونه حلاً أمنياً لمكافحة الإرهاب.
يقول مبارك: "الوجود المصري في الصومال بالنسبة لغالبية الصوماليين إيجابي حتى ولو كان سياسياً وليس أمنياً"، مؤكداً أن مصرَ شأنها شأن الصومال، لها مصالحها وحساباتها الخاصة، "نعرف أن مصر موجودة في الصومال لتعوض خسائرها في سد النهضة، ونعرف أيضاً أن إثيوبيا لن يردعها سوى الوجود المصري على حدودها".
لم تكن الصومال كلها مرحِّبةً بالوجود المصري، فقد ظهرت معارضاتٌ تمثَّلت ببعض أهالي ولاية جنوب غرب الصومال ورئيس الولاية عبد العزيز حسن محمد لفتاغرين الذين خرجوا في الثلاثين من أغسطس الماضي في مظاهرات مناهضة للوجود العسكريِّ المصريِّ في الصومال ومؤيدة للوجود الإثيوبي. وهو ما عدّه نوابٌ ومسؤولون صوماليون خيانةً وإساءة لاستقلال بلادهم.
تكمنُ خطورةُ اعتراض إقليم جنوب غرب الصومال، الذي كرر رئيسه لفتاغرين في التاسع من سبتمبر الجاري الاعتراضَ على الوجود العسكري المصري في الصومال عموماً وفي ولايته خصوصاً، في كون ولايته منطقة تمركز القوات الأجنبية في الصومال وعلى رأسها الإثيوبية. والولاية هي إحدى الولايات الست التي تتألف منها جمهورية الصومال الفيدرالية وتضم ثلاث محافظات هي: باي، وشبيلي السفلى، وبكول القريبة من الحدود الإثيوبية. توجد بالولاية قواعد عسكرية بريطانية وأمريكية و قوات تابعة لبعثة الاتحاد الإفريقي. وتمثل الاتحاد الإفريقي قوات من دول إفريقية عدة، بينها أوغندية، تنتشر في إقليم شبيلي السفلي، وقوات إثيوبية تنتشر في محافظتي بكول وباي. ومن المقرر أن يعاد تشكيل البعثة مطلع العام المقبل لتحل القوات المصرية محل الإثيوبية عسكرياً في تلك المناطق، بما فيها محافظة بكول المحاذية للأراضي الإثيوبية، وتحل قوات جيبوتية محل القوات الأوغندية.
ورفضت ولاية جوبالاند جنوب الصومال بولاية لفتاغرين أيضاً الوجودَ المصريَّ والمطالبة باستمرار القوات العسكرية، ونقلت وسائل إعلام صومالية في الحادي عشر من سبتمبر الجاري، أنباء عن سيطرة إثيوبيا على مطارات رئيسية بجوبالاند لقطع الطريق أمام القوات المصرية.
فسَّر مبارك هذا الاعتراض قائلاً: "إثيوبيا لن تجعل الوجود المصري على أرض الصومال سهلاً إلا إذا تعاونت القوات التركية مع القوات المصرية في السيطرة على أماكن نفوذ القوات الإثيوبية". وأضاف أن ولايتي جنوب غرب الصومال وجوبالاند مدعومتان عسكرياً من إثيوبيا، لأنَّ القوات الإثيوبية تؤمّن مناطق عدّة من تنظيم حركة الشباب الذي يشنُّ عمليات إرهابية في الصومال، فهذه المناطق تحتاج إلى الدعم الإثيوبي ووجوده.
الكاتب الصحفي الإثيوبي هاشم علي أكد أنَّ الوجود المصري في الصومال يقطع الطريق أمام إثيوبيا في اغتنام الميناء البحري في المياه الصومالية، الذي اتفقت عليه مع دولة أرض الصومال، مشدداً على أن استجابة مصر لمطالب الصومال وإبرامها اتفاقية تعاون عسكري لحماية مياهه الإقليمية تشمل السواحل الصومالية، بما فيها البحر الأحمر ومنطقة بربرة بأرض الصومال، وإنزال مصر في الأيام الماضية قوىً عسكرية على الأراضي الصومالية يعد تأجيجاً للصراع في منطقة القرن الأفريقي، ربما تكون له تبعاته على استقرار المنطقة الإقليمية. وأضاف الكاتب الإثيوبي: "وجود القوات المصرية على الأراضي الصومالية يشكل تحدياً لأي من المشاريع المبرمة بين إثيوبيا ودولة أرض الصومال، وربما يعطل مسار أي اتفاق جزئي لا ترتضيه دولة الصومال الأم."
واستغلالاً لورقة مياه النيل أغلقت إثيوبيا بوابات سدَّ النهضة أكثر من سبعة أيام، ما يعني وقفَ تدفّقِ المياه إلى مصر والسودان واستمرار التخزين الخامس من غير تنسيق مع القاهرة والخرطوم. وتعمَّدتْ إثيوبيا المضيَّ قدماً في استغلال أنهارها وبناء أكبر عدد من السدود عليها، لا سيما النيل الأزرق الذي تتدفق منه ما بين 80 إلى 85 بالمئة من مياه نهر النيل. وقد أعلنت في الأسابيع الماضية عزمها بناء ثلاثة سدود جديدة على فرع النيل الأزرق في مناطق كاردوبي، ميندايا، وبيكوابو، لتخفيف الضغط على سدِّ النهضة وبحيرته وضمان استمرار تدفّق المياه من محركات توليد الكهرباء. وهو الأمر الذي تخوَّف خبراء مصريون، منهم مستشار وزير الري السابق ضياء القوصي، من تطوّره في السنوات المقبلة لبيع إثيوبيا المياه إلى مصر والسودان، مؤكداً في تصريحات لبي بي سي أنَّ "التعامل المصري بطريقة الدبلوماسية الناعمة نتيجة عدم وصول ضرر سد النهضة مباشرةً إلى المواطنين في سنوات الملء الأولى، لا يجب أن يكون نهجاً دائماً لمصر، التي يجب أن تلوح بأي أوراق ضغط متاحة لديها لإجبار الجانب الإثيوبي على عدم الاستمرار في حجز المياه خلف سد النهضة وبناء المزيد من السدود الأخرى".
غير أنّ سد النهضة وما سيتبعه من سدود تحجز ما تشاء من المياه عن مصر ليست ورقة الضغط الوحيدة لإثيوبيا. فأديس أبابا، التي تعاني اقتصادياً مثل غريمتها القاهرة، تتلقّى دعماً خليجياً سخياً من الإمارات بالدرجة الأولى، والسعودية في مرتبة لاحقة. وتتماثل مصالحهم في القرن الإفريقي في سد النهضة وفي الاعتراف بجمهورية أرض الصومال.
ويفوقُ الدعم الإماراتي والسعودي لأديس أبابا مثيلَه للقاهرة، خصوصاً بعد توقف أبوظبي والرياض عن تقديم مساعدات أو منح غير مشروطة لنظام السيسي في السنوات الأخيرة، وقصر المساعدات على ضخ استثمارات بمليارات الدولارات واستحواذات على شركات وأراضٍ تكفي لبناء مدن كاملة، مثلما حدث في صفقة شراء الإمارات لمنطقة رأس الحكمة، في مارس الماضي، التي توجد على شكل رأسٍ بحريٍّ يقع في البحر المتوسط بطول خمسين كيلومتراً شمال غرب مصر الكبرى. فتتحكم الرياض وأبوظبي في الاقتصاد المصري، وفي صناعة القرار السياسي أيضاً، وهو ما يقلل من فاعلية الوجود المصري في الصومال، الذي تتشارك كلٌّ من الإمارات والسعودية ومعهما إثيوبيا في عدّهِ خصماً لحضورهم ونفوذهم في إفريقيا.
ردت الإمارات في الخامس من سبتمبر الجاري على وصولِ الطائرتين المصريتين إلى مقديشو، باستقبال وزير الدفاع الإماراتي محمد بن مبارك المزروعي نظيرتَه الإثيوبية عائشة محمد موسى، من غير التطرق في البيان الصادر عن الاجتماع إلى موقف واضح من الإمارات للاتفاق الأخير بين إثيوبيا وأرض الصومال من جهة، والموقف الصومالي الرافض للاتفاق من جهة أخرى. لكن مصدراً إماراتياً تحدَّث إلينا، بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، قائلاً إن الإماراتيين شأنهم شأن الإثيوبيين، انزعجوا من الوجود العسكري المصري في الصومال، وهم يأملون أن يكون مجرد استعراض للقوة.
بخلاف الموقف الإماراتي في التعاطي مع الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، حرصت السعودية على الوقوف في المنتصف، فأعلنت وزارةُ الخارجية السعودية في الثاني عشر من يناير الماضي، حرصَ المملكة على وحدة جمهورية الصومال وسيادتها على أراضيها كاملة، وهو ما كررت السعودية تأكيده في ختام زيارة الرئيس الصومالي إلى المملكة في أبريل الماضي، ولقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
غير أن الدعم السعودي وحدةَ الصومال لم يترتب عليه انتقادها حليفها الإثيوبي، بل تبعه تعزيز العلاقات معه اقتصادياً وتجاريّاً. أعلن وزير الخارجية السعودي نهايةَ مارس الماضي، تلقّيَ بن سلمان رسالةً نصية من آبي أحمد لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، ومناقشة التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها. وتعزيزاً لعلاقات التعاون بين البلدين، وقعت المملكة وإثيوبيا في يونيو الماضي اتفاقية إنشاء مجلس أعمال سعودي إثيوبي مشترك، وناقشوا إمكانيةَ تعاونِ رجال الأعمال من البلدين في فرص الاستثمار ومزاياه وحوافزه في إثيوبيا في مجالات كالصناعة والزراعة والطاقة.
تمتلك السعودية أطول شواطئ على البحر الأحمر، تتدفق منها 20 بالمئة من حركة التجارة العالمية و 70 بالمئة من البضائع السعودية، ما يسمح لها بتوسيع عمليات الموانئ. ويقول تقرير صادر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في أبريل 2020، إنَّ الاستثمارات السعودية في الموانئ إثيوبيا تساعدُ على الوصول إلى بوابات الموانئ في البحر الأحمر. أبرمت إثيوبيا اتفاقيات موانئ مع السودان وجيبوتي، مع الاتفاق الخاص بالحصول على 19 بالمئة من عمليات موانئ دبي في ميناء بربرة في أرض الصومال. ومن شأن تلك الاتفاقيات أن تساعد السعودية على تجاوز مضيق هرمز عند إرسال صادراتها النفطية، أما الإمارات فتخطِّطُ لبناء خطوط أنابيب نفط بين ميناء عصب في إريتريا وأديس أبابا، وتستمر شركة أرامكو السعودية أيضاً في مشاريع توسيع ممرات أنابيب النفط الخام من المنطقة الشرقية للمملكة إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر.
وتتعاون السعوديةُ والإمارات في استثمارات الموانئ، فقد وقَّعت هيئة الموانئ السعودية في ديسمبر 2019 عقود امتياز مع موانئ دبي لمحطة بوابة البحر الأحمر لاستخدام ميناء جدة الإسلامي مركزاً رئيساً لإعادة الشحن في البحر الأحمر. ويهدف الجانبان، السعودي والإماراتي، من مشروعات تطوير الموانئ في منطقة القرن الإفريقي إلى زيادة طاقة "ميناء جبل علي" في دبي.
في مواجهة ترجيح الإمارات والسعودية كفة إثيوبيا على حساب مصر التي تعول على الدولتين في تخفيف حدة أزماتها الاقتصادية، تداولت وسائلُ الإعلام المصرية أنباء عن انسحاب تحالفات إماراتية وسعودية من تنفيذ مشروعات كبرى، تبعها تصريحاتٌ أدلى بها وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب لموقع الشرق السعودي، مشيراً إلى أن بلاده بصدد إبرام اتفاقية لحماية استثماراتها مع المملكة، تتضمن ضمان الاستثمارات في الحرب أو النزاع أو الثورة أو حالات الطوارئ والاضطرابات، وتتضمن حماية الاستثمارات من أي إجراء يمس ملكيتها أو تجريد مستثمريها كلياً أو جزئياً من بعض حقوقهم، مع منع التأميم أو نزع الملكية أو إخضاعها لأشخاص أو جهات أخرى.
قد يُرجِّحٌ الدعم الخليجي كفَّة إثيوبيا في مواجهة مصر نظرياً، غيرَ أن التقارب المصري التركي الأخير وتحالفات الدول الإفريقية الراغبة في تقويض نفوذ إثيوبيا ووقف طموح رئيس وزرائها قد يعادل الكفة، ممَّا يُنذر بحربٍ باردة طويلة بين الدولتين الكبيرتين عربياً وإفريقياً، والمتحالفين معهما لإعادة رسم خريطة النفوذ في دول حوض النيل ومنطقة القرن الإفريقي.