استمع لهذه القصة
(تنشرُ الفِراتْس هذا التحقيقَ بالتعاونِ مع الشبكة العربية للتحقيقات الاستقصائية "أريج"، وهو جزءٌ من "مشروع غزّة" الذي نظّمَته "فوربِدِن ستوريز" وشاركَت فيه مؤسّسةُ "أريج" مع خمسين صحفياً وصحفيةً يمثلون ثلاث عشرة مؤسّسة)
"
عندما شنّت إسرائيلُ حربَها في أعقاب السابع من أكتوبر 2023، بعد هجوم حماس على منطقةِ غلافِ غزة، انقلبت حياةُ الصحفيين في القطاع رأساً على عقبٍ، لتبدأ مرحلةٌ لم يتوقّع أحدٌ حينَها أنها ستكون تاريخيةً ومؤلمةً، على نحوٍ لم يخطر في بالِهم يوماً. تباينَت إحصائياتُ جهاتٍ عدّةٍ عن عدد الضحايا من الصحفيين الفلسطينيين، لكنّ أقلَّ الأرقام الموثقَّةِ تُعَدُّ كبيرة. أحصت نقابةُ الصحفيين الفلسطينيين مقتلَ مئةٍ وأربعين صحفياً وعاملاً في مجال الإعلام منذ بدء الحرب حتى تاريخ نشر هذا التحقيق. ووثّقَت لجنةُ حمايةِ الصحفيين الدولية مقتل مئةٍ وثلاثةِ صحفيين وعاملِين بمجال الإعلام من الفلسطينيين في هذه الحرب على قطاع غزة. وهو الرقمُ الأعلى لقَتلى صحفيين في العالم، منذ بدأَت اللجنةُ بجمعِ البياناتِ سنةَ 1992.
تبدو هذه الأرقام مرعِبةً مقارَنةً بتسعةٍ وستين صحفياً قُتِلوا في الحرب العالمية الثانية في ستِّ سنواتٍ، أو بثلاثةٍ وستين صحفياً قُتِلوا في أربعة عشر عاماً من حرب فيتنام. يقول كارلوس مارتينز دي لا سيرنا، مديرُ البرامج في لجنة حماية الصحفيين الدولية، متحدثاً عن القتلى من الصحفيين الفلسطينيين: "لقد قُتلوا أثناء إعداد الطعام، أو أثناءَ استراحتِهم في خيمةٍ، أو أثناء تغطيتهم لآثار القصف".
تُحدِّدُ قواعدُ القانون الدولي الأطرافَ الواجب حمايتُها في الصراعات المسلّحة، وعلى رأسِها المسعِفون والصحفيون. لَم تَعُدْ تلك القواعدُ ساريةً في الأراضي الفلسطينية حتى قبلَ هجوم السابع من أكتوبر، كما تُثبِت الإحصاءاتُ ومقابَلاتُنا مع عشرات الصحفيين العاملين في غزة.
تشير شروق أسعد، عضوةُ الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين والمتحدثةُ بِاسمِها، إلى أنَّ 10 بالمئة من الصحفيين في قطاع غزة قُتلوا، وقالت شروق أيضاً إن "الصحفيين في كل مكان يجب أن يَحظوا بالحماية، بصرف النظر عن البلد الذي يعملون فيه". وتُعِدُّ النقابةُ ملفاتٍ قانونيةً لتُقدّمَها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
استناداً إلى قائمةِ لجنةِ حمايةِ الصحفيين فإنّ اثنتي عشرة صحفيةً فلسطينيةً كُنَّ من بين القتلى الصحفيين. وقُتِلَ أيضاً تسعةٌ وثمانون صحفياً في غاراتٍ جويّة. وحسبَ تحليل البيانات فقد قُتِلَ ستةٌ وخمسون صحفياً وهُم في منازلهم، بينهم تسعةٌ وأربعون قُتِلوا مع أفرادٍ من عائلاتهم. بينما قُتِلَ ستة عشر صحفياً أثناء العمل.
وقُتلَ أو جُرحَ سبعة عشر صحفياً وعاملاً في مجال الإعلام مرتدِين ستراتٍ صحفيةً في غزة أو الضفة الغربية أو جنوب لبنان، بحسب تحليل منظمة "فوربِدِن ستوريز" (قصص محظورة)، بينما قُتِلَ عشرون آخَرون بنيران طائراتٍ مُسيَّرةٍ في غزة أو جُرِحوا.
تسعة عشرَ صحفياً من القتلى، أي أغلبُهم، كانوا يعملون في شبكة الأقصى الإعلامية، التابعة لحركة حماس، حسب لجنة حماية الصحفيين. ردَّ الجيشُ الإسرائيلي على هذا الرقم بأنه "يَستهدِف الأهدافَ العسكريةَ فحسب"، وزعمَ أن شبكةَ الأقصى كثيراً ما توظِّف "إرهابيين" على أنهم صحفيون.
رَدَّت لجنةُ حماية الصحفيين، على لسانِ دي لا سيرنا، بأنها واثقةٌ من أنّ كلَّ اسمٍ في قائمة القتلى كان صحفياً: "ما دامَ الصحفيُّ غيرَ منخرطٍ في التحريض أو أعمال عنفٍ فهو يؤدّي عملاً صحفياً". وأضاف دي لا سيرنا أنَّ الجيشَ الإسرائيلي معروفٌ باستخدامِه معلوماتٍ منقوصةً ومضلِّلةً تُشَكِّكُ في مصداقيةِ الصحفيين بلا أدلّةٍ، موضِّحاً أنَّ اللجنة في ثلاثين عاماً مِن عملِها لَم تَحذِفْ أيَّ اسمٍ من قائمة القتلى الموثَّقة استناداً إلى معلوماتٍ أو ردودٍ من الجيش الإسرائيلي.
ترى آيرين خان، المقرِّرةُ الخاصةُ المعنيةُ بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير في الأمم المتحدة، أنّ إسرائيلَ لم تنجح في تقديم أيّ أدلةٍ على هُويةِ الصحفيين. وتقول: "لَم يكتفِ الإسرائيليون بنشرِ معلوماتٍ مضلِّلةٍ بشأن ارتباط الصحفيين بالمسلّحين، بل لَم يقدِّموا أيضاً أدلّةً كافيةً على مدى الاحتياطات التي يَتّخذونها".
ويروي المصوِّرُ الصحفيُّ معتز عزايزة أنّه كان يذهب إلى المقهى مضطرّاً للحصول على الإنترنت وتحميل موادِّه المصوَّرة. وقال له صاحبُ المكانِ مرّةً: "أرجوك لا تأتِ هنا. لا نريد أن نُقتَل بسببِك".
يقول سامي برهوم، مراسلُ قناة تي آر تي عربية: "كنّا في مهمّة بنغطي أنا والزميل المصور … قصفونا بقذيفة مدفعية بشكل مباشر" عقبَ قصفٍ أصابَ فريقَ القناةِ بمخيّمِ النصيرات في أبريل 2024. وعلى سرير المستشفى قال المصوِّر سامي شحادة قبلَ بَتْرِ ساقِه: "بتخلّونا نلبس الدروع ليش؟ بتخلّونا نلبس الخُوَذ ليش؟ عشان برضو يستهدفونا!"
ويقول مراسلُ قناة الجزيرة أنس الشريف: "استُهدِفنا مباشرةً بطائراتِ الاستطلاع"، وذلك في منطقة تلّ الزعتر شمالَ قطاع غزة أثناء عمله الصحفي. وأشارَ في حديثه مع "أريج" إلى أن الجيش الإسرائيلي هدّدَه هاتفياً. بينما يقول معتز عزايزة، الذي هدّدَه الجيشُ الإسرائيليُ هاتفياً أيضاً: "صدِّقني، الدرعُ الصحفيُّ لا يوفِّرُ حمايةً، هو فقط لإعلامِ شعبِنا بأننا صحفيون".
رَفَعَت منظّمةُ "مراسلون بلا حدود" في الرابع والعشرين من مايو الماضي ثلاثَ شكاوىً إلى مكتب المدّعي العامّ للمحكمة الجنائية الدولية، "بشأنِ جرائمِ الحرب الإسرائيلية ضدّ الصحفيين". شملَت الشكاوى ملفّاتِ أكثرَ مِن عشرين صحفياً فلسطينياً قَتَلَهم الجيشُ الإسرائيليُ في الحرب الأخيرة، وجاء في بيانٍ للمنظّمة: "لدى (مراسلون بلا حدود) أسبابٌ معقولةٌ للاعتقاد بأن بعض هؤلاء الصحفيين قُتِلوا عمداً، وأنّ الآخَرين كانوا ضحايا هجماتٍ متعمّدةٍ شنَّها جيشُ الدفاع الإسرائيليّ ضدّ المدنيين".
وتقول لجنةُ حماية الصحفيين إنَّها تُحقِّق في أكثر من خمسمئةِ حادثةِ استهدافِ صحفيين في فلسطين. ويقول دي لا سيرنا إنّ لدى اللجنةِ أدلّةً على استهدافِ ثلاثةِ صحفيين على الأقل، ولديها "أدلّة قوية" على استهدافِ عشرِ حالاتٍ إضافية.
أَصدرَت اللجنةُ قبلَ خمسةِ أشهرٍ من الحرب على غزة تقريراً في الذكرى السنوية لمقتل الصحفيةِ شيرين أبو عاقلة بعنوان "نمطٌ فتّاكٌ" وثّقَت فيه قتلَ القواتِ الإسرائيليةِ ما لا يقلُّ عن ثمانية عشر صحفياً منذ أكثر من اثنتين وعشرين سنة. مع هذا لم يُتّهم أحدٌ ولم يُساءَل أحدٌ عنهم، حسب بيان اللجنة.
وثّقَ تحقيقٌ أجرَتهُ أريج وشركاؤها "كَذِبَ إسرائيلَ" في حادثةِ قصفٍ مدفعيٍ لمقرِّ وكالةِ الأنباء الفرنسية بغزّة في الثاني من نوفمبر 2023. وهناك تسجيلٌ مصوَّرٌ يوثِّقُ قَصْفَ مكتبِ "المجموعة الإعلامية الفلسطينية" في اليومِ نفسه، مع أنّ كاميراتِ المكتَبَين تبثُّ صوراً مباشرةً على مدار الساعة. وفي فبراير 2024 دُمِّرَ مقرُّ مؤسسةِ بيت الصحافة، المدعومةِ من حكوماتِ النرويج وسويسرا، مع أنّ المانحِين أَرسلوا تفاصيلَ الموقعِ إلى الجيش الإسرائيلي. ويَروِي مديرٌ سابقٌ ببيت الصحافة، كان يقيمُ في مقرِّ المؤسسة بعد تدمير منزلِه، أنه شاهَدَ دبابةً إسرائيليةً تُطلِقُ النارَ على المبنى قبلَ تدمير المقرِّ نهايةَ يناير 2024.
يقول خليل ديوان، وهو محامٍ وباحثٌ في استخدام الطائرات المسيَّرة بجامعة لندن، إنّ الجيشَ الإسرائيلي "يَضربُ أهدافَه بدرجةٍ عاليةٍ من المعرفة بهُويّةِ مَن يقتل"، وإنّ الطائراتِ المُسيَّرةَ تُحدِّد أهدافَها بدقّةٍ استناداً إلى معلوماتٍ تُجمَعُ من الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي والبثِّ المباشر وخاصّيةِ تحديدِ المَواقعِ إذا كانت مفعَّلةً في الهواتف.
تَسمعُ الطائراتُ المُسيَّرةُ وتَرى بالطريقةِ البشريةِ نفسِها؛ إذ تحتوي أجهزةَ استشعارٍ تُحدِّدُ الأهدافَ بنقلِ البيانات إلى محطّةٍ أرضيةٍ. وتسمحُ كاميراتُ الأشعّةِ تحتَ الحمراءِ، وأجهزةُ الاستشعار الكهروضوئية أيضاً بتأكيد الهدفِ بصرياً، شَرْطَ أن تكونَ الظروفُ الجويةُ مناسبةً، أو أن تحلِّقَ الطائرةُ المُسيَّرةُ بمستوىً منخفضٍ بما يكفي.
يتّفقُ ثلاثةُ خبراءَ تحدّثنا إليهم أنّ الرؤيةَ تكون واضحةً لكي يتمكّنَ مُشغِّلُ الطائرةِ المُسيَّرة من رؤيةِ السُترةِ الصحفيةِ. يقول آسا كاشر، الذي صاغَ مدوَّنةَ أخلاقيّاتِ الجيش الإسرائيلي لعام 1994: "أعتقد أنه إذا وُضِعَت علامةُ الصحافة واضحةً على جسمِ الصحفيِّ، فإنّ مُشغِّلَ الطائرةِ المُسيَّرةِ سيَراها". وفي ذلك يقول الصحفيُ عماد غبون، بعد إصابته في منطقة تل الزعتر، في شمال غزة: "السترةُ الواقيةُ نفسُها أصبحَت وسيلةً لاستهدافِك، أكثرَ من كونِها وسيلةً لحمايتِك".
وكشفَ تحقيقٌ نشرَته صحيفةُ نيويورك تايمز في مارس 2024 عن نشرِ إسرائيلَ نهايةَ سنة 2023 برنامجاً في قطاع غزة للتعرّف على الوجوه؛ لمراقَبةِ الجميع هناك وجَمْعِ وجوهِ الفلسطينيين وفهرستِها من غير عِلمِهم أو موافقتِهم. و وردَ في تحقيقٍ آخَرَ لمجلة 972+ أن الجيش الإسرائيلي لجأَ إلى تقنياتِ الذكاءِ الاصطناعي لتحديد الأهداف، وتوليدِ قائمةِ قتلٍ تضمّ آلاف الأشخاص.
حوّلَ القصفُ الإسرائيليُ تجمّعاتٍ سكنيةً كاملةً إلى أنقاضٍ مع استمرار الحرب، وانتشرت المجاعةُ لا سيّما شمالَ القطاع. وأصبح الصحفيون الفلسطينيون المحاصَرون مع سكّان غزة نافذةً تُظهِرُ للعالَم ما يحدثُ، خصوصاً مع منع إسرائيل وسائلَ الإعلام الأجنبيةَ من دخول قطاع غزة.
ومع هَوْلِ ما لَحِقَ بالقطاع الصحفيّ تمكّنَت "أريج" من جمع بياناتٍ من مئتين وثلاثة عشر صحفياً وصحفيةً في قطاع غزة. وكشف الاستطلاعُ أن اثنين وسبعين من الصحافيين فَقَدوا أفراداً من عائلاتهم. تسعةٌ وأربعون ممّن شارَكوا في الاستبيان فَقَدوا أقاربَ من الدرجة الأولى، بينما فقدَ أحد عشر شخصاً منهم طفلاً أو أكثرَ. و وُجِدَ خمسةُ صحفيين فقدَ كلٌّ منهم أربعين فرداً من عائلته أو أكثر. وبلغَ إجماليُّ عدد أفراد الأسرة (الصغيرة والكبيرة) الذين فَقَدَهم جميعُ الصحفيين المستجيبين للاستطلاع، نحوَ 661 فرداً. وأُصيبَ نحوُ ثلثِ الصحفيين المستجوَبين، والذين بَلَغَ عددُهم تسعةً وخمسين صحفياً.
وأَظهَرَ الاستطلاعُ أيضاً أن 98 بالمئة من الصحفيين المُستطلَعين اضطُرّوا للنزوح. ونَزَحَ نصفُ الصحفيين خمسَ مرّاتٍ أو أكثرَ حسبَ النتائج، بينما نَزَحَ أربعةٌ منهم عشرين مرّةً فأكثرَ. وأظهَر الاستطلاعُ أن مئةً وواحداً من الصحفيين، أي ما يعادلُ نصفَ الصحفيين تقريباً، يعيشون في خيامٍ. ودُمِّرَت منازلُ 183 صحفياً، أي 86 بالمئة من الصحفيين، جزئياً أو كليّاً. وَفَقَد 195 منهم معدّاتٍ يستخدمونها في التغطية الصحفية، وفَقَدَ مئةٌ من المُستطلَعين وظائفَهم.
تتفقُ الشهاداتُ والوثائقُ والمصادرُ المجموعةُ بالتحقيق، وأكثرُ من مؤسسةٍ صحفيةٍ ومؤسساتٍ أُخرى معنيةٍ بحماية الصحفيين، أنّ مقتلَ الصحفيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر لَم يكُن مجرَّدَ عَرَضٍ جانبيٍّ للقصف الإسرائيلي المتواصِل على القطاع. وأنَّ لإسرائيل أدواتٍ تُمَكِّنُها من تطبيق القانون الدولي بتفادي مهاجمةِ الصحفيين إن أرادت، لكنّ الشهادات تقول إنّ أدوات تمييز الصحفيين لحمايتهم رُبما تحوّلَت في هذه الحرب إلى أدواتٍ تسهِّلُ استهدافَهم، وباتَ الدرعُ والخوذةُ إشارةً إلى الصواريخ الإسرائيلية لتحديد موضِع السقوط.
عَمِلَت "أريج" وشركاؤها أربعةَ أشهرٍ بخمسين صحفيّاً وصحفيةً يمثِّلون ثلاثَ عَشْرةَ مؤسَّسةً، على "مشروع غزة" لتقصِّي ظروفِ مقتلِ الصحفيين الفلسطينيين في القطاع وإصابَتِهم واعتقالِهم، وتدميرِ مقرَّاتِ مؤسساتٍ إعلاميةٍ، ورصدِ مخاطرِ عملِ الصحفيين في الضفّة الغربية. وتحدّثنا إلى مئةٍ وعشرين شاهداً في قطاع غزة والضفة الغربية؛ للتحقق من النتائج باستعمال مصدَرين مستقلَين أو أكثرَ إنْ أَمْكَنَ، على انقطاعِ الاتصالات، وانعدامِ إمكانيةِ الوصولِ إلى داخلِ القطاع.
وحلَّلْنا أكثرَ من مئةِ واقعةِ قتلٍ لصحفيين وعاملين في مجال الإعلام بغزة، وحوادثَ أُخرى هُدِّدَ فيها العاملون في مجال الصحافة أو أُصيبوا منذ بدءِ الحرب.
كَشفَت تحقيقاتُنا عن تضليلٍ إسرائيليٍ في واقعةِ استهدافِ مقرِّ وكالة الأنباء الفرنسية بغزة. وحصلنا على فيديو يوثِّقُ لحظةَ قصفِ مكتبِ مؤسسةٍ إعلاميةٍ محلّيةٍ تقعُ في الشارعِ نفسِه، وقبلَ استهدافِ مقرِّ الوكالة الفرنسية بنصفِ ساعةٍ. تقول آيرين خان: "عندما يكون هناك احتمالٌ قويٌّ لارتكاب جريمةِ حربٍ، فمِن الواضحِ أنّ البثَّ المباشرَ يصبحُ دليلاً حاسماً".
وفي تحقيقٍ آخَرَ، تتبَّعْنا أحداثَ مقتلِ ثلاثةِ صحفيين، بعد إنذار الجيش الإسرائيلي سكانَ عمارةٍ فيها مكاتبُ صحفيّةٌ بالإخلاءِ، في حينِ قُصفَت بنايةٌ قريبةٌ كان الصحفيون يقفون أمامَها للتغطية.
ووثّقَ تحقيقٌ ثالثٌ حيثياتِ استهدافِ مقرِّ "بيت الصحافة"، وقَتْلِ المؤسِّسِ بلال جاد الله، بعدَ مقتلِ اثنين من رفاقه في أسبوعٍ واحد.
ويركّزُ تحقيقٌ آخَرُ على استعمال الجيش الإسرائيليّ طائراتٍ مُسيَّرةً لقتل عشرين صحفياً، سبعة منهم كانوا يرتدون الستراتِ الصحفيةَ.
أمّا في الضفة الغربية فبيّنَ تحقيقُنا أدلّةً دامغةً على استهداف قوّاتِ الجيشِ الإسرائيليِ المتعمّد لصحفييْن اثنين في طولكرم، استناداً إلى تحليلِ شظايا عُثِرَ عليها في الكاميرا وشهودٍ عِيانٍ وخُبراءَ، وتحليلِ ستين دليلاً من مقاطع فيديو مصوَّرةٍ فيها لقطاتٌ حصرية.
ويتضمّنُ المشروعُ مجموعةَ تقاريرٍ أنجزَتها منظّمةُ "فوربِدِن ستوريز"، سَعَت إلى استكمال قصصٍ لَم يستطِع الصحفيون إتمامَها لأسبابٍ مختلفة.