منذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة واكتفائها بحصاره بعدَ 2005، شن جيشُها عدة هجمات على القطاع، قصف فيها منازل ومنشآت خدمية خاصة وعامة وقتل وجرح الآلاف. لكن لهذه الحرب الدائرة حالياً سمةٌ وحشية غير مسبوقة، وصلت حد الإبادة الجماعية كما وصفها مقررون دائمون بالأمم المتحدة وتقرير حديث صادر عن منظمة هيومان رايتس ووتش. فخلافاً للهجمات السابقة، امتدَّ الاجتياح البري الإسرائيلي للقطاع إلى أراضيه كافّة، واتسعت أوامرُ الإخلاء اتّساعاً غير معهود في الهجمات الإسرائيلية السابقة. ففي اجتياح 2014، قصُر أمد الحرب فوقفت عند خمسين يوماً، وكانت أوامر الإخلاء والتهجير محدودة، لم تخرج عن عدة مناطق على أطراف مدينة غزة مثل حي الشجاعية وحي الزيتون، ومنطقة بيت حانون في أقصى شمال القطاع.
أما في الحرب الحالية فدعوات التهجير كانت واضحة وواسعة منذ الأيام الأولى، وتعددت وسائل تنفيذها ما بين تهديد وترهيب مباشر بالمنشورات والاتصالات وعمليات القتل الجماعي وتدمير المنازل ثم مراكز الإيواء على رؤوس ساكنيها، وكذلك التجويع المُثبت في وثائق الأمم المتحدة ووكالاتها الإغاثية المتعددة، وتدمير البنية التحتية ومحق قابلية القطاع للحياة لا سيما مناطقه الشمالية.
اليوم وبعد ما يقارب خمسة عشر شهراً على الحرب، أعود لأستكشف أثر حالة النزوح التي شملت الغالبية الساحقة من أهل قطاع غزة، وصبغت نمط حياتهم الجديد. تحدثت من مكان نزوحي في شمال غزة، مع من دُفع كرهاً إلى الجنوب وتقطعت به وبأحبابه السبل مشرداً بين خيمة وأخرى، وهارباً من قصف لآخر ومن قِتلة لأخرى. أرصد شهاداتهم ونمط الحياة الجديدة المفروض عليهم قسراً، بكل ما فيه من تعقيدات تضرب في صميم الكرامة الإنسانية والعلاقات بين الناس. أحادِثهم مِنَ الهاتِف وما زالوا يجلسونَ هناك آملين انتهاءَ الحربِ والعودةَ إلى ديارِهم، وعيونُهم شاخصةٌ إلى ما يحصُل لما بقي في شمال القطاع، إذ عادتِ الدباباتُ الإسرائيليةُ تحرُثه وتقضمه تدريجياً، وما وراء هذا من شكوك بتطهيرٍ إسرائيليٍّ ممنهجٍ لشمال غزة وربما العودة لاستيطانه.
قبل الحملة الإسرائيلية المكثفة على شمال القطاع مع حلول الذكرى الأولى لعملية السابع من أكتوبر، كان عدد الباقين من سكان شمال القطاع نحو أربعمئة ألف، من بين ما يزيد على مليون شخص كانوا يسكنون شمال القطاع قبل السابع من أكتوبر 2023، مشكّلين نصف سكان قطاع غزة كاملاً. ما يعني أن ما يقرب من ثلثي سكان شمال غزة هُجروا إلى جنوبه. أما من بقوا في الشمال فقد شُتِّتوا في أنحائه، لا سيما منذ بداية أكتوبر 2024 مع بدء إسرائيل عملية عسكرية واسعة فيه، حاصرت بها مخيم جباليا وفصلته عن مدينة غزة، ثم توسعت ولا زالت لمناطق بيت لاهيا وبيت حانون في أقصى شمال القطاع، تحت ما يسمى "خطة الجنرالات" لإفراغ شمال غزة والسيطرة عليه بالكامل.
الضغط العسكري والحصار والتجويع في الشمال -الذي حصد أكثر من ثلاثة آلاف وسبعمئة فلسطيني بين قتيل ومفقود منذ أكتوبر 2024- عمق أزمة النزوح الداخلي في مناطق شمال غزة. فلجأ كثير من سكان جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا لمدينة غزة، مع تنامي القلق بأن المدينة هي المرحلة الثانية في الخطة لإفراغ الشمال ودفع من بقي فيه للجنوب. لينضموا للغالبية التي هُجرت من بداية الحرب وباتت حياتهم كرباً بعد كرب، ولسان حالهم لذويهم في الشمال أن يصمدوا ولا ينزحوا جنوباً، لأن الموت في البيت، كما بات يُقال، أكثر كرامة منه في خيمة مهترئة وشتات في جنوب القطاع.
لم يتوقَّف الأمر عند ذلك الحد، بل استهدف الجيش تلك الليلة مربعاً سكنياً بمنطقة الشمال الغربي لمخيم الشاطئ ودمّره كاملاً، فقُتلت عائلة هللو المكونة من أربعة وستين فرداً، وكذلك عائلة شحادة المكونة من ثلاثة وعشرين فرداً. انتشر الخوف في نفوس السكان الذين خرجوا مع الصباح إلى مناطق متفرقة بين الشمال والجنوب. قرر حاتم النزوح إلى "البركسات"، أي البيوت المتنقلة التابعة لوكالة الغوث، التي يعمل فيها عمه سمير الغول وعمره خمسة وخمسون عاماً في منطقة خانيونس، والتي لم تَسْلم لاحقاً من القصف، فنزح وعائلته إلى أكثر من مكان.
نزح أحمد أبو سعد ذو الثمانية والعشرين عاماً إلى مكان غير بعيدٍ عن خانيونس. عبر لي أحمد عن حزنه وندمه الشديدين لخروجه من منزله في مدينة غزة. يقول إنه اكتشف زيف ادعاءات الاحتلال بأن المنطقة الوسطى كانت من المناطق الآمنة. هناك قُتل طفله يوسف في حضن أمه بالسيارة، عندما أطلقت المدفعية الإسرائيلية قذائفها ونيرانها على شارع صلاح الدين، وهو الطريق الذي رسمه الاحتلال لخروج السكان من شمال القطاع إلى جنوبه. وأصيب أحمد نفسه بالقصف على المنطقة التي نزح إليها. يقول: "كنتُ مجنوناً باعتقادي أن هناك مناطق آمنة، لقد خسرت طفلي الأول وأصيبت زوجتي، ثم أصبت أنا في قصف آخر". ويؤكد أن فكرة الخروج كانت ضرباً من الجنون، لأنه خسر العيش في شقته بكرامة، بدلاً من العيش في خيمة مهترئة لا تقيه وزوجته حرَّ الصيف أو بردَ الشتاء.
اتضح لسكان القطاع منذ بدء النزوح أن المناطق الآمنة، التي حددها الاحتلال جنوب القطاع بمساحة مبدئية قوامها سبعون كيلو متراً مربعاً، كانت أفخاخاً للقتل والبطش. تركز القصف الجوي بداية الحرب على شمال القطاع للإيحاء بأن المناطق الجنوبية هي سبيل النجاة الوحيد للسكان. فكانت المجزرة الأكبر في السابع عشر من أكتوبر 2023 في مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، إذ احتمى آلاف النازحين، وقُتل منهم المئات. أتيح للنازحين العبور جنوباً من شارعي صلاح الدين والرشيد، ولكن استُهدفت مركبات كثيرين منهم فقضى منهم وجرح العشرات. تكدس مئات الآلاف منهم بين منطقتي رفح ومواصي خانيونس ووسط القطاع. ولكن لم يمر شهران على الحرب حتى بدأ الاحتلال تقليص المساحة الآمنة في منطقة خانيونس إلى 10 بالمئة من مساحتها الأصلية. ثم تبع ذلك في مايو 2024 اجتياح الجيش الإسرائيلي رفحَ ومحورَ فيلاديلفيا على الحدود مع مصر، فدفع بأكثر من مليون نازح تجاه مواصي رفح خانيونس والوسطى وحشرهم هناك. قلص الاحتلالُ المناطقَ الآمنة في أغسطس 2024 فصارت 11 بالمئة فقط من مساحة القطاع. وفي هذه المناطق استُهدف النازحون عدة مرات. فقد قصفت الطائرات الإسرائيلية مثلاً خيام النازحين في يوليو 2024 بمواصي خانيونس وقتلت العشرات، وهو ما بات يعرف "بمجزرة الخيام"، ثم تكررت الاستهدافات بعدها لنفس المنطقة ومناطق نزوح أخرى، وكان آخرها قصف المخيمات في مواصي خانيونس في الرابع من ديسمبر 2024، ما أودى بحياة عشرين نازحاً.
تتحدث عن نزوحهم إلى المواصي، فتقول: "كانت ليلة لا يمكن لنا أن ننساها. مكان لا يوجد به أدنى مقومات الحياة، لا مياه للشرب أو مياه للنظافة والغسيل، مجرد قطع قماش موزعة على بعض المناطق، وكل خيمة عبارة عن ثلاثة أمتار بعرض ثلاثة أمتار أخرى، يفصل بينها وبين الخيمة الأخرى متر واحد. المكان أرض بور، مليئة بالأشواك والبرص. لذلك استبد بي الخوف، فقد يأتي عقرب أو حشرة لتلدغني أو تقتل أي من أطفالي، ولقد رأيت وتعرفت هناك على أنواع مختلفة من الحشرات التي لم أرها في حياتي، حتى في محطة ناشيونال جيوغرافيك".
وتقول أيضاً: "لا يوجد معي أي رجل ليرتب لي الخيمة، لا يوجد شباك لأنظر من خلاله على العالم. المكان موحش، والأرض كانت شارعًا للعربات فيما قبل. ولا يوجد باب يحميني من دخول أي غريب". ثم ترتفع نبرة صوتها وهي تقول: "عزمت أن أتحول إلى رجل وأتخلى عن أنوثتي قدر ما أستطيع لأحمي نفسي وعائلتي من الموت، لذلك بدأت أنا وبناتي الصغار تنظيف تلك الأرض بأيدينا، جرحتنا الأشواك والحجارة. وضعنا "حِرام" (مفرش) على الأرض كي نجلس عليها، وبقي لدينا "حِرامان" اثنان لنا نحن الخمسة. نمنا على فرشتين فقط، بطريقة مؤلمة للروح والجسد، فكيف يمكن لنا أن ننام؟"
تبكي راوية وهي تواصل حديثها في الهاتف: "أين خصوصيتي وخصوصية أطفالي؟ لقد كان لي بيت جميل وأثاث منزلي وثير وحياة راقية، لذلك ظللت أبكي طوال تلك الليلة أكثر مما تسمع الآن. شعور رهيب بالخوف من الموت، خصوصاً مع القصف المتواصل في كل مكان". تخبرني راوية عن ابنتها ريم المصابة بسرطان الجلد، إذ وفّرت سابقاً عدة خطوط كهرباء لبيتهم في مخيم الشاطئ لاستمرار عمل المكيف، إذ يجب أن تظلَّ الفتاة في مكانٍ بارد كي لا تزداد حالة الجلد صعوبة. ساءت حالة الفتاة في شهور الصيف بالخيمة، زادت الأورام الجلدية، وانحنى عمودها الفقري أكثر. فلا يوجد مكان صحي أو فرشة طبية، أو حتى درجة حرارة مناسبة تقيها من هذا كله. تتساءل راوية باستنكار وأسى عن حقوق الطفل الذي كثيراً ما كانت المؤسسات الدولية تنادي بها وتطلب من الأطفال معرفتها بالمشاركة في فعاليات وأنشطة ومسابقات مختلفة للتعريف عليها في مادة التربية المدنية.
حياة اليتم والترمل في الخيام باتت شائعة بين مئات، إن لم يكن آلاف النساء الغزيات النازحات، والظروف الصحية الصعبة، فريم ليست استثناءً أيضاً. كان وضع مرضى السرطان في غزة هشاً قبلَ الحرب بفعل الحصار ونقص الكهرباء، وخصوصاً لمن تحتاج حالاتُهم العلاجَ الإشعاعي غير المتوفر في مستشفيات غزة. تدهور الوضع مع بدء الحرب وتدمير إسرائيل الممنهج لأغلب المستشفيات والمؤسسات الطبية، وعلى رأسها مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة. ثم جاء احتلال إسرائيل الحدودَ مع مصر وإغلاق معبر رفح في مايو 2024 ثم جاءت الضربة القاضية لآخر بصيص من الأمل لبعض هؤلاء المرضى الذين رغبوا بالخروج من غزة للعلاج. وقد خرج من القطاع منذ بدء العدوان حتى إغلاق المعبر حوالي ألف وسبعمئة مريض بالسرطان، تكفلت دول ومؤسسات بعلاجهم في الخارج. لكن الآن، كيف لريم أن تخرج من غزة للعلاج حتى لو وجدت من يتكفل بها.
ترى روان أنَّ المعضلة الأكبر تتبدّى عندما يمرض أحدهم ويحتاج إلى دخول الحمام ليلاً، هل سيبول في مكان معتم أم سيُشعل كشّافاً فبالتالي سيشفُّ هيئته من القماش الذي يستر ذلك الحمام، ثم قد يقصفك الاحتلال وأنت في الطريق إلى الحمام فإشعال الضوء في الليل شبهة. وأكثر الحمامات في مراكز النزوح حفرة في الأرض يعتليها كرسيُّ مرحاض من بقايا البيوت المدمَّرة، أو كرسي لا قاعدة له، ويستر المكان "شادر"، أي غطاء بلاستيكي. أما في مراكز الإيواء مثل المدارس، فيتزاحم الناس على حمامات هذه المباني، أو ما بقي قائماً منها، بلا مياه جارية فيها.
لا ينتهي الأمر عند مشكلة المراحيض. حدثتني حنين سمير ذات الخمسة والثلاثين عاماً عن مشكلة تعبئة المياه، إذ يضطر ابنها إلى حمل جرادل المياه مسافةً طويلة. يخرج في التاسعة صباحاً ويقف حتى الثانية ظهراً للحصول على عشرين لتراً من الماء، "ولك أن تتخيل الحالة النفسية التي أعيشها في ذلك الوقت، حيث القلق والخوف من استهداف إسرائيل سيارةَ المياه العذبة أو أحد الواقفين بذريعة عمله مع المقاومة أو أي تهمة أخرى. ولا يهدأ البال حتى يعود الصبي، ثم ما يلبث أن يخرج رفقة أبيه إلى الشوارع والأزقة بحثاً عن الحطب وخراطيم المياه البلاستيكية، لإشعالها بديلاً عن غاز الطهي الذي مُنع دخوله إلى القطاع منذ بدء العدوان وبسبب شح الخشب".
قالت بسمة اسكافي ذات الأربعة وعشرين ربيعاً، وهي نازحة من مخيم جباليا في بداية الحرب إلى النصيرات وسط غزة، إنَّ زوجها قُتل عندما كان يحاول الحصولَ على الخشب من أحدِ البيوت المدمرة، "أغارت طائرة حربية على البيت فقتلته وهو يبحث عن بعض الأخشاب التي لا تساوي دولاراً واحداً". تصمت قليلاً ثم تتساءل عن مصير أبنائها، الأطفال الذين فقدوا أباهم وطفولتهم، "ألم يكن يتوجب عليهم الذهاب إلى المدرسة؟ ألم يكن عليهم اللعب مثل أطفال العالم في الملاعب أو الحدائق أو حتى الشوارع؟ ثم أين الكهرباء كي يجلسوا في مكان آمن ليشاهدوا التلفاز الذي بات حلمًا للأطفال؟"
ويلقي ضنك تأمين الحاجات اليومية بثقله على النازحين نفسياً ومزاجياً. فغلب على الرجال الصراخ وضرب من هم أضعف منهم أو أقل سلطة. يصعُب الحفاظُ على عشرين لتر مياه يوماً واحداً، فتفشّت المشاكل بين أفراد الأسرة الواحدة وبين العوائل النازحة، لا سيما مع ازدحام الأمكنة والشعور بعدم الأمان والمنافسة على المساعدات الشحيحة ووجبات الطعام التي تقدمها التكايا لإطعام النازحين. أدى الضغط أحياناً إلى مشاجرات ومعارك بين العوائل أودت بحياة أشخاص، وأُصيب آخرون عندما استخدم السلاح الأبيض وكذلك البنادق. وهو ما فرض تشكيل لجان إصلاح في لجان الطوارئ للنازحين، وهي لجان شعبية مهمتها تنظيم حاجات النازحين وتنسيقها، لحل الإشكالات الاجتماعية وفض الخلافات.
تتفق بسمة اسكافي مع روان بالرأي، إذ استهجنت أن كل شيء مكشوف للمارة من الخيام البالية. فعندما تمشط شعر طفلتها في الليل أو تبدل ملابسها أو تلعب الرياضة، فإنها تصبح عرضة للحديث وبعض الهمز واللمز من المارة المراهقين الذين لا يتورعون عن التطفل على الخيام وظروف القاطنين فيها.
تقول بسمة إنها ذات مرة تحدثت بالهاتف المحمول مع أمها النازحة في مكان آخر في القطاع، بموضوع خاص وحساس. خفضت صوتها كي لا تُسمع، لكنها فوجئت بجارتها في النزوح ترغب بمعرفة ما جرى بعد انتهاء المكالمة. "تطفل وانعدام الخصوصية من مجتمع لا يجد ما يشغله إلا القيل والقال"، بحسب تعبير بسمة التي أضافت بغصة كبيرة: "كيف يمكن للمرأة أن تغير ملابسها أو تنظف نفسها أو تستحم في الخيمة، التي يمكن لها أن تنكشف بفعل الريح في هذا الجو الشتوي، فتكشف جسدها لمن حولها؟ وكيف لها أن تضع الفوطة الصحية في خيمة مكتظة بالنازحين الذين قد يكونوا أهل زوجها، أو حتى حماتها أو أخوات زوجها؟ كيف لكل هذا الواقع أن يعيد لها جزءاً من خصوصيتها؟"
وتختم راوية سرور، وهي تبكي على الهاتف: "أنا بخاف، كيف ممكن أحمي أولادي وأوفر لهم الأمان طالما أنا خايفة، كيف بدي أحميهم وأدفيهم والمطر بدأ؟ وشو لازم أعمل لما تغرق خيمتي؟ غرقت خيم ناس كثير، وين نروح؟"
"أعيدوا لي حياتي لو سمحتم" عبارة تتردد بصيغٍ مختلفة على ألسنة النازحين الذين حادثتهم، فلا تغيير في أحوالهم إلا إلى الأسوأ، وكأن الحرب انفجرت توّاً.