تشاد: فرقة الخالات الموسيقية تغنّي ضدّ العنف

تشكّلت الفرقة الغنائية من نساءٍ تشادياتٍ مُعنَّفات ومُطلّقات ليغنّينَ عمّا تعيشه المرأة في بلادهنّ.

Share
تشاد: فرقة الخالات الموسيقية تغنّي ضدّ العنف
فِرقة الخالات الموسيقية

في التاسع من يوليو 2024 وعلى منصّةٍ في الهواء الطلقِ وسطَ تورونتو بكندا شاهدَتْ صحفيةٌ أمريكيةٌ امرأةً إفريقيةً ثلاثينيةً ترقصُ بحماسةٍ وحبورٍ على إيقاعِ طبلاتٍ إفريقيّةٍ. قالتْ الصحفيةُ للمرأة التي تدعى سِيسيل: "لا بدَ أنّكِ أعظمُ امرأةٍ حُرّةٍ رأيتُها في حياتي". تُرجِمَ الكلامُ لسِيسيل التي لم تملك إجابةً سوى ابتسامةٍ تعقبُها دمعةٌ حارّةٌ. لم تكن الصحفيةُ تدري أن هذهِ المرأة نفسها قبلَ سنةٍ وبضعة أشهرٍ في قريةٍ صغيرةٍ بضواحي مدينةِ مُنْدُو في الجنوبِ التشادي، كانت مكسورةَ اليدِ ومشوّهةَ الوجهِ وتقف بين بيتِ والدِها وبيتِ زوجِها لا تدري أين تذهبُ. هل تعودُ إلى زوجِها الذي ضربَها حتى كسرَ يدَها، أم إلى بيتِ والدِها حيثُ لن تَجِدَ ما تأكلُه ويلاحقُها عارُ الطلاقِ. أنقذَ سِيسيل صوتُها وحبُّها للغناءِ، وانتشلَتْها الموسيقى لتصدحَ وترقصَ وتغنّي عن عذاباتِ النِّساءِ. كل ذلك بفضل انضمامها إلى فرقةِ "ليز آنتي" أو "الخالات" اللائي قرّرنَ مَنحَ حناجرِهِنَّ للغناءِ بدلَ النواحِ على حالهنَّ نساءً مستضعفاتٍ في بلادِهنَّ. 

والخالاتُ فرقةٌ تضمُّ تسعَ نسوةٍ مُطَلّقاتٍ أو أراملَ وناجياتٍ من العنفِ ومُهَجَّراتٍ أو مَطْروداتٍ من منازلهنَّ، وبعضُهنَّ حُرِمنَ من رؤيةِ أطفالهنَّ. اجتمعَتْ النساءُ على الغناءِ لإزاحةِ آلامهنَّ، إذ كنَّ قد عانَيْنَ كلَّ شيءٍ من جوعِ الليلِ إلى بكاءِ الأطفالِ، وحُطِّمَت أضلاعُهنّ وكُسِّرَت أسنانُهنَّ. وبَكَيْنَ وحيداتٍ واللكماتُ تَهْوِي على وجوههنَّ المتعَبة. جئنَ من مدنٍ مختلفٍة وولاياتٍ متباعدةٍ في تشاد إلى العاصمةِ أَنجمينا، وجمعهنَّ القَدَرُ حينَ وصلَ من كندا فنانٌ تشاديٌ مشهورٌ يُدعَى "أَفْرُوترونيكْس" واسمُه الحقيقُي كَاليبْ ريِمْتُوبَاي. وُلِدَ هذا الفنان في أنجمينا سنةَ 1986، واشتُهِرَ بمزجِ الموسيقى الإفريقية والإلكترونية، وهي الموسيقي الأنجح والأشهر حالياً في تشاد ووسطِ إفريقيا. 

كان أفْروترونيكْس يرغبُ في تسجيلِ أغنيةٍ عن العنفِ المُسلَّطِ على النساءِ في تشاد. فقرَّرَ البحثَ عن نساءٍ عنَّفهُنَّ أزواجُهنّ ليتعرّفَ على معاناتِهنَّ ويشاركنَهُ الغِناءَ. وحينَ بدأَ بمقابلتِهنَّ الواحدةَ تلوَ الأُخرى سمعَ قصصاً لم يتخيَّلْها. فقد قابلَ نساءً قويّاتٍ لا يرغبنَ بتكرارِ ما حدثَ لهنَّ، فعزمَ على أن يُكوِّنَ لهنّ فِرقةً موسيقيةً ليغنّينَ مباشرةً دون تدخّلٍ منه. جمعَ تسعَ نساءٍ مررنَ بقصصٍ مأساويةٍ في فرقةٍ موسيقيةٍ سمَّاها "الخالات"، لأن أعمارهنَّ كانتْ بيْنَ الأربعين والخامسة والستين. وفي تشاد، مثل الكثير من الدول العربية، يسمّي النّاسُ أيَّ امرأةٍ بهذا العُمرِ "خالة". 

لم يكن الأمر سهلاً، فأغلب النساءِ في الفرقة لا يُجِدْنَ سوى لُغاتِ قبائلِ السَّارَا، وهي مجموعةٌ عرقيّةٌ تسكنُ جنوبَ تشاد. طَلَبَ الفنّانُ منهنَّ الغناءَ بلغتهنَّ وبالعربية التشادية؛ كي تصلَ أصواتُهن إلى أكبر عددٍ من النساء. وتشكّلَتْ الفرقةُ لا لتغنّي عن عذاباتِ النِّساءِ فحسبُ، بل لتكونَ أشبهَ بجمعيةٍ خيريةٍ توعويةٍ نِسْوِيّةٍ تساهمُ فيها المُغنّياتُ بتدريبِ النِّساءِ على الحِرَفِ وتُعرِّفهنَّ على بعضِ حقوقهنَّ البسيطةِ التي يكفلُها القانون التشادي. ويساعِدْنَهنَّ على تخطّي آثارِ العنفِ الزوجيّ والاجتماعيّ الذي سُلِّطَ عليْهِنَّ.


عَلِمَ أفْرُوترونيكْس أنَّهُ مواطنٌ لبلدٍ تعاني فيه الكثيرُ من النساء من تعنيفِ رجالِهنَّ. إذ تبلغُ نسبةُ تزويجِ القاصراتِ تحتَ سنِّ الثَّامنةَ عشرَة إلى ما يقاربُ 60 بالمئةِ من المُتزوِّجاتِ، وتُختَنُ نحو 34 بالمئةِ منَ الفتياتِ في تشاد. أمّا نسبة الأمّيّةِ عند النساءِ فتصل إلى 86 بالمئةِ بحسبِ تقريرٍ صدرَ عن صندوقِ الأُممِ المتحدةِ للسكّانِ في تشاد في 2023. وذكر تقريرٌ آخَرُ لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية أن واحدةً من كلِّ خَمسِ نساءٍ تشادياتٍ تقعُ ضحيةً للعنفِ. وأظهر المسحُ السُكّانيّ والصحّي والمؤشّرات المتعدّدة في تشاد في الفترة من 2014 إلى 2015 أن 23 بالمئة من الفتيات يُزوَّجن قبل سنِّ الخامسةَ عشرة. وأنّ 12 بالمئة من النساء يَتعرّضْن للعنف الجنسيّ كلَّ عامٍ. 

وبين يناير وأكتوبر 2022، أُبلغَ في البلدِ عن أكثر من ألفيْن وثمانمئةِ حالةِ عنفٍ ضدَّ النساء، فيما تطلِقُ عليه الأممُ المتحدةُ العنفَ القائمَ على النوعِ الاجتماعيّ، والذي يعني استهدافَ النساء أو الرجال بسببِ جِنْسِهم. وقال الدكتور سِنِين هُونتون، ممثل صندوقِ الأممِ المتحدةِ للسكانِ في تشاد، إنَّ أكثر من 11 بالمئة من هذه الحالات كانت اعتداءاتٍ جنسيّةً. وأضافَ أنَّ الصندوق يتصدّى لهذا العنف، لكن الحكومة تحتاج إلى تفعيلِ أنظمةِ إنذارٍ في المستشفياتِ. وأكَّدَ أنه "من خلال التوعيةِ والتعاون يمكننا القضاء على هذا النوع من العنف".

وتتنوّع أشكالُ التمييز والعنفِ ضدَّ النِّساءِ في تشاد من الخِتانِ مروراً بحرمانهنَّ من التعليمِ إلى الزواجِ المبكّرِ والعنف المنزليّ والضربِ والحصارِ الماليّ وصولاً إلى الاغتصابِ والقتلِ. وقد سَجّلَ تقريرُ صندوق الأمم المتحدةِ للسكّان في مايو 2023 ما يقاربُ تسعمئةٍ وتسعاً وستّين حالة عنفٍ ضدَّ النِّساءِ في الربعِ الأوّلِ من العام، من بينها 34 بالمئة وقائع اعتداءٍ جسديّ و 28 بالمئة تعنيف عاطفيّ ونفسيّ. ويمكنُ لمن يتابع الأخبارَ المحلّية في البلدِ أن يقفَ على حالاتٍ يوميّةٍ من العنفِ ضدَّ النساء. ففي السادسِ والعشرين من أغسطس 2024 وأثناء العملِ على هذه المقالة قَتَلَ المدعو أبَّهْ عِزّ الدين زوجتَه عَصيبَة حَوّاء أحْمَد لأنها طَلَبَتْ الطلاقَ منه.

جاءتْ الخالاتُ من هؤلاءِ النسوَة اللائي يواجهنَ مجتمعاً يعنِّفُهنّ لأنّهن نساء، ولهذا صِرْنَ جزءاً من التوعية الاجتماعيةِ بالعنفِ ضدَّ المرأةِ، وسبيلُهنّ في ذلك الموسيقى. تحدثتُ مع سومْتِ ناتِنْغار، إحدى الخالات وعمرُها 48 عاماً، فقالت لي: "وُلِدتُ ونشأتُ في قريةٍ قريبةٍ من مدينة كُمْرَا [عاصمة ولاية مَنْدُول في جنوب تشاد]. لم أتمكن من الذهاب إلى المدرسة لأنه في ذلك الوقت كان الآباءُ يفضّلونَ إرسالَ الأولاد بدلاً من البنات. تزوّجتُ في السادسة عشرة من العمرِ وحَمَلتُ بعد سَنةٍ. زوجي كان مزارعاً، وكنت أذهب مَعَهُ إلى الحقلِ وأساعدُه في جميعِ الأعمال. بعد ولادة طفلنا الأوّل، أَخَذَ في الزواج من نساءٍ أُخرَياتٍ. ووجدنا أنفسنا في النهاية خمسَ نساء [وهو أمرٌ مُعتادٌ في تقاليد بعض قبائل الجنوب التشادي] بعد ثلاث سنواتٍ من زواجي". تستمرُ سومْتِ في سردِ قصّتها بأنّ لديها أربعة أطفال، وأنجَب زوجُها من الأُخريات أربعةَ أطفالٍ آخَرين. ومع كثرة الأبناءِ والزوجات قلّ اهتمامُ زوجِها بها. فلم يكن يوَفِّرُ لها ولا للأطفالِ ما يكفي للعيْش. تضيف سومت قائلةً: "وكلّما تجرّأتُ على الطلبِ كان يعنّفني. لقد كَسرَ ذراعي الأيسر ثلاثَ مرّاتٍ، وحطَّم ضلوعي مرّتَيْن. قلت لنفسي إن بقيتُ هكذا سأموت. لذا هربتُ إلى كمرا ومن ثمّ إلى أنجمينا. مضت خمسُ سنواتٍ منذ أن وصلتُ إلى أنجمينا وليس لي الحقُّ في رؤيةِ أطفالي. كنت أعملُ خادمةً من أجل تأمينِ احتياجاتي قبلَ أن يأتي هذا المشروع إلى حياتي وينقذني".

مرّتْ مُوكُونِيلُوم تيريز، عضوة الفرقة، هي الأُخرى بواحدةٍ من هذه القصص الحزينة. رَوَت لي أنّها تزوّجَت وهي فتاةٌ قاصرٌ في الخامسة عشرة من عُمرِها من جنديٍّ في القواتِ المسلّحةِ يُدعى "أَنَاتول". غادرَت قريتَها في جنوب البلاد حيثُ الخضرة والماء لترافقَ الرجلَ الأربعينيّ إلى الصحراءِ، وبالتحديد مدينة برداي في أقصى الشمال بولاية تيبِسْتي على الحدودِ التشادية الليبيةِ. عاشتْ تيريز مع زوجها الجنديّ وأنجَبَتْ سبعةَ أطفالٍ. تدهورتْ صحّةُ أناتول بعد تجاوزِه الخمسين ولم يعُد قادراً على أداءِ عمله فحصلَ على إذنٍ بالعودةِ إلى العاصمةِ للعلاج فعادتْ برفقته، لكنَّ الجندي المريض ماتَ في المستشفى العسكري في أنجمينا وتركها وحيدةً بلا سَنَدٍ أو مالٍ. ولم يكن المُرتَّب الذي تحصَّلَ عليه كافياً لزوجتِه وأبنائِه، فقد كانَ راتبُه يساوي مئة وخمسين دولاراً. وبحسبِ قوانين الخزينة العسكرية فإنَّ أهلَ الجندي المتوفّى يحصلونَ على ثلثِ راتِبِه الشهريِ. اضطرتْ موكونيلوم إلى إرسالِ أطفالها إلى إحدى القرى القريبة ليتمكنوا من البقاءِ على قيدِ الحياة، وهناك ماتَ ثلاثةٌ من أطفالها بعد أن أصيبوا بالملاريا والتيفوئيد في القريةِ وسط أسرابِ البعوضِ والمزارعِ الجافَّةِ في شاري الأوسط في جنوب البلاد.

لم تجد مُوكُونِيلُوم تيريز المساعدةَ عند أهلِ زوجِها في تربيةِ الأطفال، بل طالَبوا بحقّهم في قيمة المعاش الضئيل، فاضطرّت إلى طلبِ القطيعةِ معهم. طالَبوها بقيمةِ ما دفعَه زوجُها مَهْراً للزواجِ بها، وهذا أمرٌ قائمٌ في عادات بعضِ أهالي الجنوب التشادي، فإذا طُلِّقَتُ المرأةُ أو ماتَ زوجُها ورغبتْ بالذهابِ بعيداً فعليها دَفعُ تعويضِ قيمةِ المهرِ مضافاً إليه مبلغٌ آخَرُ يُتَّفَقُ عليه عند شيخِ القبيلة، وحُدِّدَت القيمةُ ألفَ دولار. اضطرّتْ مُوكُونِيلُوم إلى بيعِ الفولِ السودانيِّ سَنَتَيْن كي تُعوِّضَ أهلَ زوجِها حتى تَتَحرَّرَ منهم. قالت لي: "اضطررتُ للعملِ خادمةً ثم بائعةَ فولٍ سودانيٍّ، وصانعةَ بيلي بيلي والأَرْقي [مشروباتٌ كحوليّةٌ محلّيةُ الصنّع] للبقاءِ على قيْدِ الحياة. لم يكن لديَّ جَوازُ سَفَر، ولا بطاقةُ هُوِيّةٍ، ولا حسابٌ بنكيٌّ. واليومَ، بفضل مجموعة الخالات تمكّنتُ من السفرِ إلى كندا. بلدٌ حظيتُ فيه باستقبالٍ لا يُصدَّق. كنّا محبوبينَ حيثُ تُقدَّر مواهبُنا دونَ النظرِ إلى جنسنا".


ظهرت الخالات أوّلَ مرّةٍ في فبراير 2023 بعد إشاراتٍ من أفْروترونِيكْس عن الفرقةِ في بعض مقابلاتِه. أطلَلْنَ مع طبلاتٍ كبيرةٍ مرتدياتٍ ملابسَ الكونغو، وهي قطعةُ قماشٍ يُصنَعُ من الشَّمْعِ ومن نسيجٍ إندونيسيّ. غنّتْ الخالات ورقصنَ رقصاتٍ مستوحاةً من تراثِ قبائلِ السّارا. لم يكتفِ مشروعُ أفْرُوترونيكْس بإيصالِ أصواتهنَّ، بل درّبهنَ على مهنٍ ومهاراتٍ أُخرى وجمعَ لهنَّ تبرّعاتٍ. تعلّمنَ الخياطةَ وغزلَ النسيجِ، وبدعمٍ من الاتحادِ الأوروبيِّ حصلنَ على مبالغَ ماليّةٍ وأقمنَ مشروعاتٍ تجاريةً صغيرةً. ثم قمنَ بجولاتٍ توعويةٍ داخلَ تشاد عن أهميةِ عملِ المرأةِ واستقلالها المادّي. فتحَ الفنّانُ لهنَّ حساباتٍ مصرفيةٍ دعماً لاستقلاليتهنَّ المادّية. وفي مقابلةٍ مع إحدى الخالاتِ التسعِ اسمُها مُوندآكوم وعُمرها تسعةٌ وأربعون مع منصّة أنْجَام بُوسْت التشادية صرّحَت قائلةً:"اليوم أنا سعيدةٌ. لديّ عملٌ ومالٌ وحسابٌ في البنك. كان زوجي يضربني لكني أعود إليه كي لا أبقى في الشارع وأجوع. اليوم أنا مستقلة". 

حدّثتني مُونْدآكوم أنّها تزوّجَت في الخامسة عشرة من عُمرها من رجلٍ أربعينيٍّ يعيش في قريةٍ مجاورةٍ بعدَ وفاةِ زوجتِه الأولى.كانت صغيرةً ولم تعرف شيئاً عن الحياةِ الزوجيةِ فباتَ زوجُها يضربها، ومرَّ الوقتُ سريعاً حتى أنجبَتْ أربعةَ أطفالٍ، ماتَ منهم اثنانِ بالتيفوئيد، وبقيَ اثنانِ. عاودَ زوجُها ضربَها أمام طفلَيْها واتّهمَها بأنها سبب موتِ الطفلَيْن. ومضى بها الحالُ هكذا حتى أخبرَتْها فتاةٌ جامعيةٌ، عادتْ إلى قريتِها في إجازةٍ، عن جمعيةٍ حقوقيةٍ تتكفلُ بتكاليفِ إقامتِها ثلاثةَ أشهرٍ في أنجامينا. فهربَتْ موندآكوم وعاشتْ متخفّيةً في حيِّ "قاسي" جنوبيِ العاصمةِ قبلَ أن تبدأَ ببيعِ ملابس الأطفالِ في السوقِ بدعمٍ تلقّته من مؤسسةِ "سويد"، وهي منظمةٌ تعمل في تمكين المرأة في منطقة الساحلِ وتدعمُها سويسرا والاتحادُ الأوروبي. سمع الفنّانُ أَفْرُوترونيكْس بقصّتِها وعَرَضَ عليها الانضمامَ إلى الخالات. تقول موندآكوم: "كلُّ ما أريدُه الآن هو أن أجمع ما يكفي من المال في مشروعِ الحِرَفِ اليدوية الذي أديرُه كي أتمكّنَ من العودةِ [تقصدُ إلى قرية زوجها] واستعادةِ طفلَيّ". 

أصدرتْ الخالات في مايو 2023 أغنيتَهنَّ الأُولى بلغةِ السّارا مع القليلِ من العربيةِ ليروِّجْنَ لفرقتهنَّ وأهدافِها. حملتْ الأغنيةُ عنوانَ "أنينا ياتو" أي "من نحن". تبدأ كلماتها بالعربية التشادية:

ماشيين وين؟ ماشيين وين يا جماعة؟

ماشيين وين ورّوني؟

دربنا وين؟

قاعدين نقاتلوا بين بيناتنا (بيننا)

داكونا (بَناتُنا) تعبانين

وهم قاعدين يضحكوا علينا

صَوّرَتْ الخالاتُ فيلماً ترويجياً للأغنية تظهرُ فيه نساءٌ أُخرَيات إلى جانبهنَّ مع عدمِ وجود ذَكَرٍ واحدٍ في المقطع، في إشارةٍ واضحةٍ إلى نِسْويّةِ الفرقة واهتمامها بقضايا النساءِ المعنَّفات. في نهاية الأغنية تطرح الفرقةُ أسئلةً أُخرى مع السؤال "من نحن" كأن يقُلنَ "من نحن بعد كل الذي قدّمناه: درسنا، تعلّمنا، غنّينا، رقصنا، اشتغلنا في الصباح والظهيرة والمساء". وعند نهاية الأغنية فقط ينضمُّ الرجالُ إلى الفرقةِ للردِّ على الأسئلة بأنهنَّ أمّهاتٌ قويّاتٌ وأنهنَّ أساسُ الأسرةِ والمجتمعِ. ينضمّ الرجالُ للاحتفالِ مع النساءِ لتنتهي الأغنيةُ على وقعِ رقصاتِ السّارا الجميلة مع سردٍ لأسماءِ مدنِ تشاد تعبيراً عن الوحدةِ والرغبةِ في التعايشِ السلميّ. 

جاءتْ "أنَينَا يَاتو" أغنيةً تعرّف الجمهورَ على الخالاتِ ومشروعِهنَّ القائمِ على الدعوةِ إلى وقفِ العنفِ واستغلالِ المرأة ووجوبِ تمكينها الاقتصاديّ والاجتماعيّ. وجاءتْ الدعوةُ للسلام والتعايش السلميّ من دعائمِ مشروعهنّ في بلدٍ يشهدُ عنفاً سياسياً دائماً وحروباً أهليةً وقمعاً من السلطات للمعارضة. وهو ما عبّرتْ عنهُ الخالاتُ حينَ خرجنَ للنوّاحِ ولبسِ السوادِ واللطمِ في وقفةٍ احتجاجيةٍ بعد أن قَتَلَت قواتُ النظام العشراتِ من المتظاهرين التابعين لحزب "لي تَرانسْفورمَاتور" المُعارِض في 20 أكتوبر 2023.

تحثّ أغاني فرقةِ الخالات على الوحدةِ والتعاونِ بين المجتمعاتِ التشاديةِ المختلفةِ وفتحِ حوارٍ صادقٍ بين السياسيين والمواطنين في البلاد. تسعى أغانيهنَّ لتحقيقِ التوافقِ في قضايا مثل الهُويّة الاجتماعيةِ والدينية والحرّيات المدنية والنزاعات بين الرعاةِ والمزارعين، إذ قد يتسبّبُ دخولُ الأنعامِ إلى مزارعِ الفلّاحين في حروبٍ قَبَليةٍ. وهذا ما تعكسُه أغنيةُ أنينا ياتو في رسالتها الأساسية. وفي مقابلةٍ مع قناة تي في سانك الفرنسية تقول الخالةُ مينغيديان نوتولبان بأنّ الأغنية "[تتحدّث] عن ما يميّزنا، وما يجمعنا، وما يجعلنا تشاديين".

مرّت الخالات بأغلب المدنِ الكبرى في البلاد في جولاتٍ للترويجِ للفرقةِ وألبومهنّ القادم، فمررنَ من مُنْدو في أقصى الجنوب إلى فَايا وفادا في الشمال البعيد وسط الصحراء. وفوقَ سلطةِ الكلام والغناء قدّمتْ الخالاتُ صورتَهنّ نموذجاً لنساءِ تشاد وإفريقيا والعالم. يدعم مشروعُ أَفْرُوترونيكْس هؤلاءِ النسوةَ في سعيِهنَّ للاستقلالِ الماديّ، لأنّ اعتمادهنَّ ماليّاً على أزواجهنَّ هو ما جعلهنَّ يتحمّلن العنفَ سنواتٍ. في حوارِها مع الفِراتْس فإن نِيلومْبَارَانْغ جُوسْتِين، وعُمرها ثمان وخمسون سنةً، توصي الفتياتِ التشاديات قائلةً: "أيتها الفتاة تعلّمي، واحصلي على شهاداتٍ وعملٍ، ثم تزوّجي. عندها سيحترمكِ زوجُكِ، وإلّا فهو لن يحترمك. يا فتاة! يجب أن يكون حسابُك المصرفيُّ زوجَك الأَوّل. عندما تقرّرين دخول البيت واختيار رجلٍ ليكون زوجاً لك، تأكّدي من ألّا تصِلي إلى هناك خاليةَ اليديْن. فكّري أوّلاً في استقلالك الماليّ. بهذه الطريقة، سيحبّك ويحترمك زوجُك أكثر. لا تنسي … إذا ملَّ زوجُك منك وليس لديكِ شيءٌ، ستكونين تحت تصرّفه". 

ولمّا سألتُ نيلومبارانغ جوستين عن سبب اعتقادها بما تقوله قالت لي: "ربما يكون هذا رأياً مبالغاً فيه لبعضِهم، لكنّي عانيتُ بسبب الفقر؟ زُوِّجتُ كأنني أُباعُ. كان الرجل غنيّاً، لذا دفعَ المالَ إلى أسرتي وأخذني إلى قريْتِه. كنتُ كالخادمة عنده ومع ذلك كان يضربني ويهينني. ولمّا طلبتُ الطلاقَ طلبَ منّي تعويضَه وهذا يعني دفعَ قيمة المهرِ الذي كان عبارةً عن مزرعةٍ وبضعَ خنازيرٍ، وأيضاً طالبَني بتعويضِه عن كلّ السنواتِ التي أطعمَني فيها. ما أقوله قد يبدو غريباً لكم لكن هذا ما يحدث في قرى جنوب تشاد. حين حصلَ الطلاقُ حرمني من رؤيةِ أطفالي". بدأتْ نيلومبارانغ صنعَ المريسة، وهي من الكحوليات، وبيعها في العاصمة أنجمينا. وبعد سنواتٍ من العمل على المَريسة امتلكَتْ القليلَ من المال فعاد زوجُها ليطلبَ عودتَها بعد أن صارتْ لا تحتاج "إلى مزرعته أو ماله لأملئ معدتي" كما قالت لي. وتضيفُ السيدةُ المشارفةُ على الستّين: "أمّا وصيّتي للفتيات فقصدي أن يتعلّمن ويواصلن دراستَهنّ ويعملنَ حتى لا يُضطرَرْنَ إلى البقاءِ حبيساتٍ في زواجٍ تعيسٍ، وتحتَ رحمةِ رجلٍ عنيف. الحساب البنكيّ والعمل والدراسة يجعلونَ المرأة شريكةً لزوجِها بدل أن تبقى خادمةً له". 


خرجتْ الفرقةُ في أوَّلِ جولةٍ موسيقيةٍ خارجَ البلاد نحوَ العاصمة الكاميرونيّة يَاوِندِي في يونيو 2023. هناك غنّت الخالاتُ الأغنيةَ الأُولى في ألبومهنَّ الجديد، الذي حملَ عنوانَ "كَلان نَقَا" بلغةِ السَّارا وتعني "المهنةُ زوجة". وهي أغنيةٌ تطالِب بحقوقِ المرأةِ وتندّد بالعنفِ ضدّها، وتعدّ الأغنية الأكثرَ تجسيداً لهوُيَّةِ الفرقة ورسالتها بين أغانيهنَّ. وفي الفيديو المصوّر للأغنية نلاحظُ رجلاً يعودُ من المزرعةِ حاملاً مِعْوَلَهُ ويصرخُ على امرأةٍ قائلاً "هيّا اذهبي واجلبي لي ما آكله وأشربه. هيّا يا امرأة". هنا تصرخُ المرأة رافضةً وتقول "لا"، وهو رفضٌ للتسلّط على النساءِ في إفريقيا وخاصّةً في تشاد، ورسالةُ تمرّدٍ ضد زوجٍ لا يرى ما تفعله المرأة ولا يقدّر دورَها. تجتمعُ النِّساءُ بعدَ قوْلِ "لا" ويغنّينَ. تقول كلماتُ الأغنية بلغة السَّارا:

إذنْ هذه هي مهنة الزوجة؟ 

أنت لا تشتري لي الأحذية 

ولا تقدّم لي الهدايا ولا الملابسَ 

أنجبتُ لك الأطفالَ 

لكنك لم تمنحني شيئاً 

كان يمكن أن تَلْحَظ ما أفعله لك 

كان يمكن أن تَلْحَظ ما تفعله المرأةُ

كان يمكن أن نبني مملكةً من السعادة

لكن لا ترى أهميّتي وأهمّية ما أفعله 

الآن أقول لك" لا" 

ما دمتَ لا ترى لي أهميةً 

أقول لك " لا" لأنك لا تقدّر ما أفعلُه.

تعدُّ فرقةُ الخالاتِ الفرقةَ النسائية الأُولى في تشاد، ولهذا فرسائلهنّ ونوعُ أغانيهنّ جديدٌ مثلهنّ. مع أنّ البلادَ حظيتْ بمغنّياتٍ رائعاتٍ، ومع ذلك لم تكن الخالات أوّلَ من غنّى من أجلِ حقوقِ المرأةِ في البِلاد. كانت المغنّيات التشاديات قبلَ الخالات يغنّينَ عن الوحدةِ والسلامِ والحبِّ والأُسرةِ وجمالِ إفريقيا. ومن أشهر المغنيّاتِ "مِينوجِي كِلاريِس" التي كانتْ تغنَّي في الكنائس قبلَ أن تنضمَّ إلى فرقة "مَتينْيَا" التشادية مع مجموعةٍ من الموسيقيّين الرِجال. ومن بعدِها كانت المغنيّة "مَاتيبي جِينيفِين" التي فازت بجائزة أفضل مغنّيةٍ في مهرجانِ داري بأنجمينا. وظلّت النساءُ تغنّين عن الحبِّ والسلامِ ويتفادَيْنَ الغناءَ عن مشاغلهنَّ وما يَعشْنَه حتى جاءتْ منِيرة مِيتشالاَّ، وهي مغنّيةٌ وممثلةٌ وكاتبةٌ تشادية. أطلقَ التشاديّون على مُنيرة اسمَ "النمرة الهادئة" لهدوءِ صوتِها الفريد وجماله. أصدرَت ألبومَها الثاني بعنوان "شِيلِي حُريتِك"، وفيه تنادي منيرةُ إلى حريةِ المرأةِ واستقلالها وتطالِب بوقفِ الزواجِ المبكّر وبأن يُسمَح للفتياتِ بالدراسة. وبسبب هذا الألبوم فازت المغنّيةُ بجائزةِ أفضل مغنّيةٍ في إفريقيا من جائزةِ "كورا" سنةَ 2012 بمدينة أبيدجان في ساحل العاج. وفي مقابلةٍ لمنيرة مع مجلةِ "جون أفريك" قالت: "أرغب في أن نتخلّى عن النظرة التي تقارن بين الرجل والمرأة. لقد خَلَقَنا اللهُ مكمِّلين لبعضِنا البعض. يجب على النساء الإفريقيات أن يُثبِتنَ أنفسهنَّ". 


بدأت الخالاتُ جولةً دوليةً بعد أن حَصَلْنَ على دعمٍ من الاتحادِ الأوروبيّ والسفارة الفرنسيةِ في أنجامينا وفَتَحْنَ مشاريعَ صغيرةً كأكشاكٍ تجاريةٍ ومطاعمَ صغيرةٍ، وحصلنَ على أوراقٍ ثبوتيَّةٍ وجوازاتِ سفر وفتحنَ حساباتٍ مصرفية. ورَكِبنَ الطائرة أوّلَ مرّةٍ في حياتهنّ وجميعهنّ فوق الأربعين. تنقّلنَ بين مونتريال وتورنتو في كندا قبل أن يَعُدن إلى تشادِ لمواصلة الغناء. اليوم تقود الخالاتُ بالغناء "حركة نسوية تشادية" كما يصفنَ أنفسهنّ. وهنَّ اليوم تاجراتٌ ورائداتُ أعمالٍ ويؤكّدن أنهنّ سيواصلن الغناء. وفي مقابلةٍ لي مع عضوة الفريق مِينغيدْيَان، وعمرها ثمان وخمسون سنة، قالت لي: "سنواصل الغناء من أجل تحريرِ كلّ النساءِ مِنَ العُنفِ المنزليِّ. نحنُ لسنا ضحايا، بل نساء قويّات. جميعنا تزوّجنا وأنجبنا، وعنّفَنا أزواجُنا. بعضُنا لَم ترَ أطفالَها منذ أكثر من اثنتي عشرَة سنة. نحن نناضلُ وسنغيّر الأمور في تشاد على الأقلّ". 

عادت الخالات في الثلاثين من يوليو 2024 إلى تشاد بعد جولةٍ طويلةٍ في كندا. استقبلتهنَّ الحكومة التشادية استقبالَ الأميرات في مطارِ حسن جامُوس الدولي وسطَ زغاريدٍ وتصفيقٍ بعد أن شاركنَ الشعبَ الكنديّ قصصَهنّ في تسع مدن. تقول مُوتْنَجال، إحدى الخالات، للفِراتْس: "فكرة الخالات لا تقتصر علينا نحن التسع فقط. بل تشمل كلّ النساء. وصيّتي هي أن تعمل كلّ امرأةٍ، وأن تمارس مهنةً أو تجارةً ولو ببضع آلافٍ من الفرنكات".

تنظّم الفرقةُ دوراتٍ تدريبيةً في الخياطة واستخدام الفُوَطِ الصحّية النسائية، ودوراتٍ في الخروج من صدمةِ العنفِ، ووُرَشاً تدريبيةً في أعمال صغيرةٍ ومشاريع تجارية. وفي مقابلةٍ لصاحب الفكرة المغنّي أَفْرُوترونيكْس مع قناة "كَانال إنترناسيونال 2" بتاريخ 12 يونيو 2023 يقول: "مهمّة الخالات توعية المجتمع أولاً. يساعدنَ النساءَ والفتيات في معالجة القضايا التي يتعذّر مناقشتها علناً، وتوجيههنّ نحو الاستقلال المادّي. لا يجد المرء أحداً أفضل من الخالات لشرح قضايا النساء ودعمهن".

حاورتُ سِكَاتَا انْقمْتَا مسؤولة الإعلام في الفرقة عن الدور الاجتماعي للفرقة. قالت لي بأنّها "تَستهدِف استقلالَ المرأة وتمكينَها بإبراز دورها الاجتماعيّ ومكانتها المهمّة في المجتمع. فالخالات رائداتُ أعمالٍ ومتحدّثاتٌ بِاسم المرأة وبِاسم قضاياها. صوتُهُنَّ هو صوتُ المرأةِ التشادية". وللقيام بدورِهن الاجتماعي شاركنَ في دوراتٍ ووُرشٍ تدريبيةٍ في ريادة الأعمال وإقامة المشاريع الصغيرة، وأهمّية التوعية الصحّية وطرق الادّخار والاستثمار الماليّ. ولهذا فإلى جانب الغناء والتعبير عن مشاكل المرأة، تنظم الفرقة دوراتٍ تدريبيةً وحملاتٍ توعويةً لتوعية المرأة بحقوقها، ولا سيّما المرأة الريفية. ويشرحنَ للنساءِ ما لهنّ وما عليهنّ وكيفَ يمكنهنَّ أن يفِدن أسرتهنّ والبلاد بدل الاعتمادِ الكُلّي على الرجل. وتضيفُ سيِكَاتا انْقمْتَا قائلةً: "قبل أن يخرجن إلى العالم تلقّت الخالات دوراتٍ وتدريباتٍ بدعمٍ من الاتحادِ الأوروبي في أمورٍ كثيرةٍ على رأسها استخدامُ الهواتفِ الذكية واللغات، وكيفيةُ التحدّثِ أمامَ الجمهورِ، وتقنيات الخطابة. وتدرّبْنَ على مِهَنٍ وحِرَفٍ يدوية. والآن تعقدُ الفرقة لقاءاتٍ مع شيوخ القبائل والسلطات التقليدية والمسؤولينَ الإداريين في الأرياف من أجلِ البحثِ عن سبلٍ أكثر فائدةً لوقفِ العنفِ وتوعية الرجالِ والنساءِ بأن العنف جريمة".

تمكنت الخالات أثناء جولاتهنّ في القرى والأرياف تحت شعار "امرأة واحدة: بطاقة هوية، وحساب مصرفي" من إصدار خمسمئة ألف بطاقة هويةٍ وفتح ثلاثمئةٍ وخمسين ألف حسابٍ مصرفيٍّ لنساءٍ تشاديّات. تقول لي سيكاتا: "بقوّة قصصهنَّ واستخدامهنَّ المميّز لمواقع التواصل الاجتماعي، والإذاعات لنشر أفكارهنّ، وتوعية النساء، تمكنّت الخالات من جعل فرقتهنَّ أهمَّ جميعةٍ مدنيةٍ نسائيةٍ في البلاد". 

لقد خَلَقَت فرقةُ الخالات صوتاً جديداً في تشاد؛ صوتاً صادحاً يكسر حاجزَ الصمت عن العنف ضدّ المرأة. تواجه أعضاء الفرقة اللائي لاقَيْن الأمرَّيْن من أزواجهنّ ومن المجتمع بموسيقاهنّ الجريئة وكلماتهنّ الصادقة واقعاً لم ينصفهنّ، ويتحدَّيْن المعاييرَ الاجتماعيةَ التي تُسكِت أصواتَ النساء. وتمتاز قوّةُ تأثيرهنّ في عدم اقتصارها على الساحة الفنية فحسب، بل امتداد هذا التأثير إلى تحفيز النقاش وتشجيع النساء على البوح بما مررن به من تجارب مؤلمةٍ والمطالَبة بحقوقهنّ. هنا فرقةٌ موسيقيةٌ تجاوزت الموسيقى لتُحدِث تغييراً من داخل المجتمع التشاديّ.

اشترك في نشرتنا البريدية