أنشئ مستشفى الشفاء سنة 1946 في عهد الانتداب البريطانيّ. وكان في بداياته مجموعةً من المباني الصغيرة التي توفّر بعضَ الخدمات الطبّية لإقليم غزّة. وبعد النكبة في 1948 تولّت مصرُ إدارةَ قطاع غزّة، ثمّ احتلّت إسرائيلُ قطاعَ غزّة وسيناءَ المصرية عدّةَ أشهرٍ نتيجةَ العدوان الثلاثيّ على مصر سنةَ 1956. وفي بداية ذلك الاحتلال ضَربت القواتُ الإسرائيلية مستشفى الشفاء، وتحوّلت أجزاءُ منه ساحةَ معركةٍ مع فدائيين فلسطينيين وإعداماتٍ ميدانية.
احتلّت إسرائيلُ قطاعَ غزة مجدّداً في يونيو 1967 وانتقلَت إثر ذلك جميعُ الخدمات، ومنها المستشفيات، إلى سلطة ما سُمّي في وقته "الحاكم العسكري" الإسرائيليّ. برز مستشفى الشفاء واحداً من نقاط المواجهة في الانتفاضة الفلسطينية الأولى سنة 1987 بين قوّات الاحتلال والشبّان الفلسطينيين. ثم تسلّمت السلطةُ الفلسطينية إدارةَ المستشفى بعد اتفاقيات أوسلو في منتصف التسعينيات، فأصبح رسمياً تحت ولاية وزارة الصحة التابعة للسلطة.
وفي الحرب الحاليّة، وفي سابقاتها، تمثّلت غزّةُ بين جنبات هذا المستشفى حيث لُخّصَت كلُّ تفاصيلها فيه، فنُقل إليه الشهداء وانطلقَت منه الجنائز. وأتاحت مساحتُه الواسعةُ للنازحين اتّخاذَه مكاناً أملوا في أن يكون آمناً. وصل عددُهم في ذروة الحرب قرابةَ الأربعين ألفاً. افترَشوا أرضَه وممرّاته متكدّسين في مساحةٍ، على اتّساعها، ضاقت بتلك الألوف. كلٌّ مع احتياجاته الأساسية من مرافق صحيةٍ ومياهٍ ومساحةٍ شخصيةٍ. وفوق هذا كلّه قصف الاحتلالُ المستشفى غيرَ مرّةٍ موقعاً العديد من القتلى حتى يدفع الناس إلى المغادرة وتمهيداً لاجتياحه الواسع. هاجم الجيشُ الإسرائيليُ مستشفى الشفاء أوّلَ مرّةٍ في نوفمبر 2023، بعد أن مهّدت تل أبيب للهجوم بحملةٍ إعلاميةٍ صوّرت المستشفى قاعدةَ قيادةٍ لحماس وسيطرتها. حوصر المستشفى ثلاثة عشر يوماً دون أن يُثبِت الجيشُ أيّاً من المزاعم التي بنى عليها روايتَه.
وفي مارس 2024 عادت القواتُ الإسرائيليةُ إلى المستشفى بعمليةٍ عسكريةٍ أوسع وأكثر فتكاً، انتهت بتدمير مبانيه كلها وقتل المئات ممّن احتموا فيه واختطافهم. ومِن هؤلاء جاري كمال الذي اتخذ الشفاءَ مضطرّاً مركزَ إيواءٍ له ولمن تبقّى من أسرته المنكوبة، بعدما أُغير على بيته في مخيم جباليا فقُتل ولده الوحيد البكر، وأُصيبت بناته الثلاث وزوجته. شَتَّت الزحفُ الإسرائيليُّ على المستشفى شملَ العائلةِ فانقطعَ كمالُ عن زوجته واثنتين من بناته، ولم يَبقَ معه سوى ابنته الصغيرة، التي فضّل أن يستعير لها اسمَ "سلمى" حيطةً وحذراً. وبمعيةِ سلمى التي لم تتجاوز السبع سنواتٍ كانت قصّتُه.
نادتْ مكبراتُ صوت الجيش الإسرائيلي من أوّل لحظةٍ: "المكان محاصَر ... سلِّموا أنفسَكم. الجميع يسلّم نفسه" مكرّرين النداء. كان على الجميع ومنهم كمال أن يتخذ القرار، "أسلّم نفسي وأواجه مصيراً مجهولاً، أم أهرب وأواجه مصيراً مجهولاً من نوعٍ آخَر." ما صَعّب على كمال اتخاذَ القرار كان ابنته الصغيرة التي علقت معه لحظة الحدث الفارق. فلن يتخذ القرار بمعزلٍ عنها لو اختار تسليم نفسه. تساءلَ أين ستذهب وكيف سيكون مصيرُها، أمّها وأخواتها ليسوا هنا، ولا يَعرف أحدٌ مكانهنّ مذ تحرّكت آليّاتُ الاحتلال ودبّاباتُه صوبَ المستشفى وسطَ غطاءٍ كثيفٍ من النيران. ماذا لو قرّر الهروبَ والتخفّي. ماذا سيحلّ بها. لم ينقذه من هذه الحيرة إلا رأيُ صغيرةِ السنّ كبيرةِ العقل حين أشارت بألّا يُسلموا أنفسَهم. سلّم لرأيها حبّاً وعطفاً، أو ربما قدّرَ ألّا فرقَ واضحاً بين التحصّن في دهاليز المستشفى أو الانقياد لمصيرٍ مجهولٍ بين يدي قوّةٍ عسكريةٍ ما رأوا من آثارها سوى القتل والوحشية والدمار. يقول كمال "ربما للسببَيْن معاً". ومع قرار البقاء عَرفوا أن رحلةَ البحث عن النجاة بدأت ولا بدّ من التحرك. يردف: "لا خيارات متاحة"، ولكنه يتدارك بخليطٍ من الحسرة والتهكّم، "ولكن في الحركة بركة … قرّرنا نجرّب حظنا، يا تصيب يا تخيب".
تلمّس كمالُ وطفلتُه طريقَهما في العتمةِ بعد انقطاع التيار الكهربائيّ ووسط ضجيج محرّكات آليّات الجيش من دبّاباتٍ وجرّافاتٍ في ساحة المستشفى الخارجية. كان المكان يهتزّ من حينٍ لآخَر على وقع القذائف التي ما انفكّت تدكّ المباني ويتخلّلها أزيزُ زخّات الرصاص التي بدت كضرب الأزاميل في جدران المبنى الذي احتمَيا به. تحرّكا مع أناسٍ آخَرين، مرضى وأصحّاء، كبار وصغار، رجال ونساء، من قسم الاستقبال في الطابق الأرضي إلى الطابق الثاني حيث قسم العمليات الجراحية. اختاروه لأنه الأقرب ولأنهم يعرفونه أيضاً، فهناك كانت غرفةُ مبيتهم وهناك قضى كمال أياماً شداداً ينهشه القلقُ على مصير زوجته وبناته المصابات اللاتي كنّ يتلقّين العلاج في المبنى ذاتِه، وفقد الاتصالَ بهنّ بعد بدءِ الحصار. اختارَ وسلمى البقاءَ والتحصّنَ بالغرفة لبُعدها ولو قليلاً عن واجهة المبنى. وقد حوّلت الآليّاتُ العسكريةُ الغرفةَ إلى مرمى إطلاق نيران بدت على إثره الجدرانُ والنوافذُ مثل غربالٍ تالف.
مضت الساعاتُ ثقالاً وطالت الدقائقُ دهراً. وهنا يعلّق كمال: "بتعرف كيف لمّا تعدّ الدقائق وتحسّ إن الزمن واقف مكانه، في لحظتها كنت بفكّر، مين قال الزمن بيمرّ بسرعة" تساقطَت القذائفُ موجاتٍ عاصفةً كلّ ساعتين تقريباً. تبعَتها بالعادة أصواتُ "كركبة" وكأنها فُتات حجارةٍ انهمرَت من أجزاء المبنى العُلوية إلى الأرض، وكأن المبنى كان يُقضَم رويداً رويداً، حجراً حجراً. يتكرّر المشهد. المزيد من القذائف ووابل الرصاص الثقيل من أبراج الدبّابات، "طاخ طيخ" كما يحبّ أهلُ غزّة أن يقولوا، ثم "كركبة" أخرى وضجيجٌ ودخانٌ ورائحة بارودٍ كريهةٌ تختلط برائحة الجثث التي أَخذَت تتعفّن أسفل المبنى.
في أوقات الراحة الضيقة، لربما بسبب تعب الجنود أو توفيراً للذخيرة، يصلهم صوتُ الجنديّ الإسرائيليّ دون أن يروه بعربيةٍ تغلِب عليها اللكنةُ العبريةُ: "يلّا، سلموا حالكم، ما في مجال للهغب (الهرب)". يصمت قليلاً، يشوّش على هذا الصمت صوتُ الآليّات العسكرية وإطلاق النار ثم يعود بنبرةٍ أخرى فيهدّد بالقتل وتدمير المبنى فوق رؤوسهم، "اطلعوا بغّة (برّه) يا حيوانات". يصمت مرّةً أخرى ويعود في المرّة الثالثة بنبرةٍ أهدأ ترغيباً لهم ويعدهم السلامةَ والأمنَ لو خرجوا.
أحياناً كانت لغةُ الجنود العربيةُ ولهجتُهم خلف مكبرات الصوت فلسطينيةً خالصة. وقد أوحى ذلك بأن في صفوف القوات المهاجِمة بعضَ الدروز الذين يعملون منذ عقودٍ في الجيش الإسرائيليّ. أو قد تكون عناصرَ عربيةً من بعض بدو النقب الذين قد يدفعهم شظفُ العيش للعمل في الجيش الإسرائيلي. أو قد يكونون محاربين مرتزقةً من بلدانٍ عربية. وصلت سخريةُ القدر أن نادى أحدُ الجنود بتلك العربية السليمة قائلاً: "اختاروا السلامة … كلّ القصة سجن عشر سنين، وبعدها تخرجوا وتعودوا لغزّة بعدما يعاد بناؤها وإعمارها".
حربٌ نفسيةٌ من المتناقضات كان هدفُها بثَّ القلق وفقدان الأمل من الآتي. وما كان ذلك لكمال وصغيرتِه إلا زيادة رسوخٍ بأن خيار البقاء كان هو الصواب، أو على الأقلّ الصواب الوحيد المتاح. فتسليم أنفسهم كان سيضعهم على مقصلة الموت، خصوصاً وأن الجيش ما انفكّ يَقتل وفي ساحة المستشفى بعضَ من سلّموا أنفسَهم، ناهيك عن من اختُطِفوا بعد تجريدهم من الملابس وأُهينوا. لم تكن شكوكاً أو همساتٍ، أو ما ظَنّه بعضُ المتحصّنين إشاعاتٍ، بل قتلاً متواصلاً على مسافة أقدامٍ قليلةٍ منهم، وهو ما أكّدَته وسائلُ إعلامٍ ومنظماتٌ دوليةٌ وعزّزَته أقوال شهودٍ عيان. الجثث المتحلّلة بالعشرات كانت في كلّ مكانٍ، ومن فُقد أثرُه إمّا وُجد في حفرةٍ ضحلةٍ أو قبرٍ جماعيٍّ أو تحت الركام، أو تبيّن أن القوات الإسرائيلية اقتادته مع مئاتٍ آخرين إلى جهةٍ مجهولةٍ ولا يُعرف مصيرُه حتى اللحظة. وإضافةً إلى هؤلاء، هناك المرضى الذين قضوا نحبَهم داخل المستشفى بسبب نقص الزاد وموادّ التعقيم والأدوية في أثناء الحصار.
وفي خضمّ القتل والتنكيل والرعب ما برح كمال وطفلتُه يمرّان بنوبات الهلع كلّما فكّرا في مصير بقية الأسرة. هل نجوا، هل ما زالوا في المستشفى في مبنىً آخَر، أم هربوا مع من هرب قبل وصول الجيش.
مع ازدياد أيام الحصار واتساع المقتلة عَزّز الجيشُ من وسائل الضغط على المتحصّنين داخل مباني المستشفى، وكأنه يحاول تسريعَ العملية وإتمام المهمّة بالوصول لكلّ شبرٍ في المستشفى. كان الجيشُ يعرف أن هناك من لم يسلّم نفسَه، لكنه لم يعرف من هم ولا كم عددُهم، فبات القصفُ أكثرَ كثافةً وعشوائية. في مشهدٍ بدا أنه من فيلم خيالٍ علميٍّ مرعبٍ، أدخل الجنودُ طائراتٍ مسيّرةً صغيرةً رباعية المراوح مزوّدةً بآلات تصويرٍ ما فتئَت تحلّق مسرعةً أو تحوم بطيئةً داخل الأروقة علّها تجد مطلوبين، أو هكذا كان الظنّ. وما كاد ينتهي طنينُ هذه المسيّرات عائدةً إلى موجّهيها في الخارج حتى أطلق الجيشُ كلاباً مدرّبةً جابت زوايا المستشفى والمباني التي دُمّرت أبوابها أو بعض جدرانها ووصلت أحياناً إلى حيث اختبأ الناس. كانوا يسمعون لهاث الكلاب وأصوات مخالبها في الممرّات وخلف الأبواب الموصدة وهي تحاول تجاوزها. وعندما استنفذَت الكلاب مهمّتها بلا طائلٍ، استُبدِلَت بها دروعٌ بشريةٌ من مدنيين اعتقلهم الجيشُ في المستشفى فأرسلوهم وقد عُلّقت على أجسادهم آلاتُ تصويرٍ يتحكّم بها الجيش عن بعدٍ فيوجّهونهم للتجوّل بين الأقسام والغرف بحثاً عن مطلوبين. بعضهم ربطوه بحبلٍ طويلٍ يمسك به الجنود من الجهة المقابلة خارج المبنى على بعد عشرين متراً أو تزيد حتى لا يهرب وينضمّ للمتحصّنين. الأسلوب ذاتُه استخدمه الإسرائيليون في الأنفاق، فكانوا يرسلون فلسطينيين داخلها لتمشيطها وقد ربطوهم بحبالٍ وعلّقوا على صدورهم آلاتِ تصوير.
كلّ هذا الضغط النفسي صَعّب الوضعَ البائس على رفيقَيْ رحلة الحصار، لكنّ حاجتَهما للطعام والشراب صارت ملحّة. تقاسما ما كان معهما من زادٍ شخصيٍّ أو ممّا كان في المستشفى في بداية الحصار حتى لم يجدا شيئاً. حين ضُيّق الخناق عليهما في الغرفة التي كانا يختبئان فيها، قرّرا معاً المغادرة إلى غرفة الممرضين المجاورة في القسم نفسه. كانت للغرفة نافذةٌ خارجيةٌ سمحت بتجدّد الهواء وخفّفت خطرَ الاختناق من دخان الحرائق والقذائف، لكنها خطيرةٌ لأن القصف يصلُها من كلّ مكان. وجدا ضالّتَهما في كوّةٍ صغيرةٍ في الحائط خلف سرير المرضى فاختبآ فيها. وقع كمال على كيسٍ محشوٍّ اعتقد بدايةً أن الممرضين وضعوه حمايةً من شظايا القصف في أول الهجوم، فحشر به البابَ حتى لا يفتحه ضغطُ القذائف. ولأن زمن المعجزات لم ينتهِ بعد، اكتشف في الكيس ضالّتَهما من طعامٍ ومؤونةٍ تكفيهما أياماً. شبّه كمال فرحتَه بفرحة الرجل الذي ضاعت راحلتُه في الصحراء فلمّا عادت إليه قال اللهمّ أنت عبدي وأنا ربّك. يقول متنهّداً: "وكأنه انكتب إلنا عمر جديد".
مضت الساعاتُ الثقال شديدةً وصعبة. القصف ذاته، ودخان المدافع ذاته، ورائحة الجثث التي تناثرت في الساحة الخارجية وبعض أقسام المستشفى الداخلية بدأت تنتفخ وتتفسخ فغزت النفوسَ وأزكمت الأنوف. كلُّ هذا على وقع صلصلة جرافات "الدي ناين" العملاقة التي كانت تضرب بشراسةٍ أعمدةَ المبنى من أسفلها وكأنها تحشر كلَّ من فيه لإجباره على الخروج من مخبئه. مع كل ضربةٍ للجرافات كانت سلمى تلتصق بوالدها معيدةً الجملة ذاتها: "وَصَلونا يا بابا …". يطبطب عليها كمال محاولاً إقناعها وإقناع نفسه أن الأمل بالنجاة ما زال يلوح. كان يرى سلمى تأخذ بالنحول وعيناها تغوران في حِجاجِها يوماً بعد يوم. يقول إنه خلف نظراتها التي حاولَت أن تحْيِي بريقَ التحدّي، كان هناك طفلةٌ صغيرةٌ مرتعدةً جزعةً لا تعي ما يحدث سوى أنها ووالدَها في خطرٍ محدق. "انت عارف قديش شعور العجز صعب وإنت حتى مش عارف تحمي طفلك؟ ربنا لا يحط حد في هيك موقف".
لم يبرح حالُهما كذلك حتى هدأَت المدافع فجأةً في فجر الأوّل من إبريل 2024. تشاورا مرّةً أخرى بشأن الخروج، فلم يكن لكمال أن يقطع رأياً دون مشورة صغيرته التي طلبت منه بفطرتها أن يتباطأ، فلعلّها خدعة. كان التردّد سيّد المكان، حتى سمعا خطوات الناس أخذت تدبّ ومصابيح هواتفهم تَخترق ظلمةَ المكان المدمَّر. خرجا ولم يدرِكا هولَ ما أصابهما أو أصاب المكان من دمارٍ، وهمُّهما الأوّلُ الاطمئنانُ على بقيّة الأسرة التي افترقا عنها مع بداية الهجوم.
في خطواتٍ متثاقلةٍ قصدَ كمال عدداً من أقاربه وكانوا قد دخلوا المستشفى مع جموعٍ غفيرةٍ من الناس بحثاً عنه وعن عائلته. سألهم بلهفةٍ عن زوجته وابنتيه، ولكن ما كان لهم أن يَعرفوه في البداية ليجيبوه، فقد غطّى السخامُ والغبار وجهَه بعد أيامٍ طوالٍ بلا ماءٍ للاغتسال أو الوضوء. عرف لاحقاً أن الجيش الإسرائيليّ نقل زوجته وابنتيه مع جرحى ومرضى آخرين إلى مبنىً سمّي "التنمية" في الجهة المقابلة من المستشفى رفقةَ ممرضتين أو ثلاث. عُلم لاحقاً أن هؤلاء ترُكوا مع الحدّ الأدنى من المستلزمات الطبّية، فتعفّنت جروح بعضهم وقضى آخَرون نحبَهم ووُوريِت جثثُهم ثرى ساحات المستشفى التي أصبحت مقابرَ جماعية.
كانت رائحة غرفة الجرحى هذه لا تطاق، ومن بقي حيّاً من المرضى نُقل سريعاً إلى أماكن أخرى للعلاج، ومنها مستشفى المعمداني في شرق غزّة، الذي ارتكَبَت فيه إسرائيلُ مجزرةً كبرى في الأيام الأولى من الحرب. ومن بين المنقولين هناك كانت زوجةُ كمال وابنتاه.