استمع لهذه القصة
ترجَّلَ حينَها عن المنصّةِ بعدَ تصفيقِ الحاضرِين. ثمّ اعتلاها مِن بعدِه صديقُه ونائبُه الطبيبُ والكاتبُ النمساويُّ ماكس نورداو بِوقارٍ يَزدانُ هَيبةً بلحيةٍ كَثّةٍ وشاربٍ طويل، معلِناً "الفُتُوّة اليهوديّة" وسيلةً مِن وسائلِ الغزوِ الذي بشَّرَ به هِرْتزِل قَبْلَه.
جاءَ المؤتمَرُ الصهيونيُّ الثاني استكمالاً لجهدِ هِرْتزِل العامَ الذي قَبْلَهُ في المكانِ نفسِه بمدينةِ بازِل السويسرية؛ إذ تَحدَّثَ عن رؤيتِه ومناصرِيه مِن أعيانِ الجماعات اليهودية في أوروبا لسُبُلِ "وضعِ حجرِ الأساسِ للبيتِ الذي سيسكنُه الشعبُ اليهوديُّ في الغدِ" في فلسطين.
طرحُ "الفتوّة اليهودية" الذي رَوَّجَ له هرتزل محاوَلةٌ لتأهيلِ الشَعب اليهوديّ وإعادةِ بنائه مادّياً ومعنوياً؛ أي خلقِ يهوديٍّ جديدٍ يافِعٍ وفَتِيٍّ وقادرٍ على الإمساكِ بزمامِ مصيرِه. تُناقِضُ هذه الصورةُ الصورةَ النمطيةَ السلبيةَ لليهوديِّ الضعيفِ وفاقدِ السيطرةِ والقابعِ في براثن الشتات الأوروبي وفي أنحاءِ العالم. وُظِّفَت الفكرةُ لإنتاجِ ميليشياتٍ عسكريةٍ استيطانيةٍ في أرضِ فلسطين قادرةٍ على طردِ معظمِ الفلسطينيين مِن أَرضِهم. وبالتوازي كان هناك توظيفٌ ناعمٌ لا عسكريٌّ لأُطروحةِ "اليهودي الفتيّ" تجلَّى في أنشطةٍ اجتماعيةٍ وترفيهيةٍ ظاهريّاً، لكنها تخدمُ باطنيّاً الهدفَ الأَسمى وهو إحلالُ اليهود في فلسطين على حساب أصحابِ الأرض.
برزت الرياضةُ في طليعةِ الأنشطةِ الناعمةِ كحصانِ طروادةَ جِيءَ به بُغيةَ غرسِ بذورِ الحسِّ القوميِّ والهُويةِ الصهيونية بين الشُبّانِ اليهود. ورَسَّخت مركزيةَ أرضِ فلسطين وطناً للشعب اليهودي. وفي خِضمِّ هذا التجييش الناعم ظَهَرَ أَوّلُ نادٍ رياضيٍّ لليهود فقط في القسطنطينية سنةَ 1895. ومِن هناك انطلقَت حركةُ مَكَابّي التي أصبحَت في غضونِ ثلاثةِ عقودٍ مِن أهمِّ مؤسّساتِ الحركةِ الصهيونية. وعقبَ النكبةِ أصبحَت أهمَّ مؤسّسةٍ رياضيةٍ إسرائيليةٍ ساهمَتْ في خلقِ مشهدٍ سياسيٍّ ثقافيٍّ يدعمُ السرديّات التي بُنيَت عليها الحركةُ الصهيونية، استناداً إلى أنَّ اليهودَ أصحابُ حضارةٍ على أرضٍ لا شعبَ فيها. واليومَ تعيشُ المنظَّمةُ أزهى عصورِها بفروعٍ ممتدّةٍ في أربعٍ وسبعينَ دولةً، بعددِ أعضاءٍ يَتجاوز أربعَمئةٍ وخمسين ألفاً. ولها خمسةُ أنديةٍ تحملُ اسمَها في دوريِّ كرةِ القدم الإسرائيليّ الممتاز.
يُظهِر تاريخُ منظّمةِ مَكَابّي وأنشِطتُها وتأثيرُها على المشروع الاستعماريّ الصهيونيّ بفلسطين تفاعلاً غيرَ مألوفٍ بين الرياضةِ والثقافةِ والسياسةِ في الحركات القومية والاستعمارية، كما يُبرِزُ دَوْرَ الرياضةِ في صُنعِ الهُويّاتِ الوطنية. وهي مساحةٌ غيرُ ملتفَتٍ إليها في الدراسات المختلفة للحركة الصهيونية في فلسطين، على ما للرياضة من أهميّةٍ تاريخيّاً.
قال نورداو في كلمتِه بالمؤتمر اليهودي الثاني: "فلْنَعُدْ رِجالاً أشِدّاءَ ذَوِي صدورٍ مفتولةٍ وعُيونٍ حادّةٍ … لأننا، يهوداً، لن يُجارِيَنا أحدٌ بمزاولةِ الرياضةِ تعليميّاً". وراحَ يَحُثُّ على خلقِ جسدٍ يهوديٍّ جديدٍ يرتكز على المَهارات العسكرية ليَدحَضَ التحيّزاتِ العنصريةَ المتعلّقةَ بالدونيةِ الجسديةِ المتأصّلةِ في اليهود.
داعبَت تلك الفكرةُ خيالَ شبابِ اليهود، إذ بشَّرَتهم بزمانٍ سيصبحونَ فيه أقوياءَ قادرين على المواجهة والانتصار، بينما الشابُّ اليهوديُّ اليومَ ضعيفٌ ومنكفئٌ على ذاتِه ومبتَلًى بالقلق الوجوديِّ في مجتمعات الأغيار.
لَم يَختلِق نورداو واقعاً جديداً، بل وَضَعَ إطاراً تنظيميّاً فكريّاً وسياسيّاً لِما هو موجود. ففي نهاية القرن التاسع عشر، لَم تكُن الحركةُ الصهيونيةُ قد تمكَّنَت بعدُ من التغلغلِ في عقولِ جُلِّ يهودِ الشتاتِ، ولا تنظيمِهم سياسياً. فلا تُفسَّرُ ظاهرةُ انتشارِ الأنديةِ اليهودية آنذاك بدَورِ الحركةِ الصهيونيةِ، إنما باستفادتِها من العنصريةِ الأوروبيةِ على اليهود عُموماً واستثمارِها الجانبَ الرياضيَّ خصوصاً بهذا السياق.
وقد أشار عالِمُ الاجتماع آرثر روبِن، الملقَّبِ "أَبا الاستيطان الصهيوني"، في مذكّراتِه إلى انتشارِ معاداةِ الساميّةِ في الصالات الرياضية بألمانيا نهايةَ القرن التاسع عشر؛ إذ أُوصِدَت الأبوابُ دونَ الشُبّانِ اليهودِ، وباتوا مثارَ سخريةِ أقرانِهم الأوروبيين غيرِ اليهود. وَصَلَ الأَمرُ إلى الإقصاءِ التامِّ، مثلما حدثَ في النمسا التي قرّرَت سنةَ 1887 حرمانَ اليهودِ من حقِّ الانضمام إلى الأنديةِ الرياضيةِ كافّةً.
ومع التقاءِ معاداةِ الساميّةِ الأوروبيةِ بتَحوُّلِ اليهودِ إلى عِرقٍ يبحث عن هُويةٍ قوميةٍ بدأَت إرهاصاتُ تأسيسِ حركةٍ رياضيةٍ يهودية. كانت هذه الحركةُ اتِّباعاً لتقليدٍ بدأَ في الأراضي التشيكية سنةَ 1862 بتأسيس حركةِ "سوكول" الرياضيةِ التي أَحْيَت الروحَ القوميَّةَ في الملاعب الرياضية. وقد اتَّخذَ تنظيمُها ومنهجُها طابعاً عسكرياً في التدريبِ على رياضاتٍ قتاليةٍ واستعراضاتٍ ذاتِ طابعٍ عسكري. وقد ساهمَت كثرةُ الأنديةِ الرياضيةِ نهايةَ القرن التاسع عشر في تعزيز النزعةِ والروابطِ القوميةِ بين المشارِكين. فمثلاً في ألمانيا قبلَ نهاية القرن التاسع عشر بلغَ عددُ المنتسِبين إلى "حركة الجمباز الألمانية" عشراتِ الآلاف بعدَ أقلّ من ثلاثةِ عقودٍ من تأسيسِ الحركة. وفي عام 1903 أُسّسَت "حركة الجمباز اليهودية" نسخةً مطابقةً لنظيرتِها الألمانية في الاسم والهيكل التنظيمي والمنهج التعليمي، ممّا يبدو تأثُّراً بالحركةِ الألمانيةِ وبمذهب سوكول.
تزامن الإعلانُ عن حركة مكابي معَ الإعلان عن تأسيسِ أوَّلِ نادٍ رياضيٍّ يهوديٍّ في القسطنطينية سنةَ 1895 سُمّيَ "نادي الجمباز الإسرائيلي"، ثم أصبحَ اسمُه "مكابي القسطنطينية". وبينما اصطَبَغت المجتمعاتُ الأوروبيةُ بمعاداةِ الساميّةِ قَلّت فُرَصُ اليهودِ في الانخراط المجتمَعيّ، مع استثناءاتٍ في عصرِ التنويرِ في القرن الثامن عشر. مَنحَت القسطنطينيةُ حينَها اليهودَ حريّةً في التنظيم والاجتماع تسامُحاً بل لامُبالاةً بالأقليةِ الدينيةِ في العالَم الإسلامي عموماً وقتئذٍ. ويَرى المؤرِّخُ اليهوديُّ الألمانيُّ شلومو دوف أنَّ النظرةَ التمييزيَّةَ لليهودِ إن وُجِدَت في العالم الإسلامي فهي ضمنَ سياقِ نظرتِهم لغير المسلمين (أهل الذّمَّة)، وليست معاداةً للساميّةِ على الطراز الأوروبي.
سرعانَ ما انتشَرَت عَدوى مكابي القسطنطينيةِ من إسطنبول إلى وسطِ القارّةِ العجوزِ وشرقِها، فأُنشِئَت على غِرارِها أنديةٌ يهودية. أُسِّسَ نادي جيبور في بلغاريا، وتَغيّر اسمُه إلى شمشون سنةَ 1897، وأُسِّسَ نادي بار كوشفا في برلين سنةَ 1898. ولأسماءِ الأنديةِ الثلاثةِ معانٍ ورمزيةٌ سياسية. فاسمُ جيبور هو اسمٌ عِبريٌّ يعني القويّ والجبّار، إشارةً إلى الشجاعةِ والقوّة والبذْل. ثمَّ صارَ اسمُ النادي شمشون إشارةً إلى القائدِ اليهوديّ شمشون، سليلِ قبيلةِ دان ابن النبيّ يعقوب. قادَ شمشونُ تمرُّداً مسلَّحاً على اليونانيين في القرن الثاني قبل الميلاد. بينما سُمّيَ نادي بار كوشفا تيمُّناً بالقائدِ اليهوديّ سيمون بار كوشفا الذي قاد تمرُّداً مسلّحاً على الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني الميلادي.
بَلَغَ ذلك التقليدُ الألمانيُّ ذروتَه في دورة الألعاب الأولمبية سنةَ 1936، التي أُقيمت في برلين وكانت مسرحاً للدعاية النازية. كان هذا التقليدُ منتشراً أيضاً بين الشعوب التي تحكمُها الإمبراطوريةُ النمساوية المجرية، وأَسَّسَت أنديةً رياضيةً ذاتِ طابعٍ عسكريٍ أو عسكريةَ المنهجِ.
انعقَد المؤتمرُ الصهيونيُّ الجديدُ بعدَ خمسِ سنواتٍ من المؤتمَر الصهيونيّ الثاني. وكان ذلك في مدينة بازل، التي وُضِعَ فيها أساسُ دولةِ اليهودِ الذي تبلوَرَت فيه أفكارُ نورداو أكثر، ووُضِعَ أساسُ اتحاد مكابي لأنديةِ اللياقةِ البدنية، ليكون مظلّةً جامعةً للأنديةِ الرياضيةِ اليهودية. وبذلك أحكمَ المؤتمرُ الصهيونيُّ قبضتَه على الأندية ووصلَ إلى الشباب اليهودي، ليتحقّق أحدُ مقاصِد هرتزل بغزوِ المجتمعاتِ اليهودية.
أُسِّسَ عددٌ من الأندية في فلسطين بعدَ المؤتمر، على غِرار نادي ريشون لتسيون سنةَ 1906، الذي تغيّر اسمُه إلى "مكابي تل أبيب" سنةَ 1909، وهو أقدمُ نادٍ إسرائيليٍّ أُسِّسَ بفلسطين وأكثرُها تتويجاً. وفي سنة 1921 أَحكمَت الحركةُ الصهيونيةُ قبضتَها على الأندية الرياضية بالإعلان الرسميِّ عن تأسيسِ اتحاد مكابي العالمي ليكونَ المظلّةَ الجامعةَ لكلِّ الأنديةِ الرياضيةِ اليهوديةِ واتحاداتِها. ووَضعَت له أهدافاً رياضيةً وسياسيةً منها العملُ على تعزيزِ التربيةِ البدنية، والإيمانُ بالتراثِ اليهوديِ والأُمّةِ اليهودية، والعملُ لإعادةِ بناءِ الوطنِ القوميِّ لليهودِ والحفاظِ على شعبِه.
مع مبايَعةِ اليهود للحُكمِ السلوقي إلا أنَّ وصولَ أنطيوخس الرابع سدّةَ الحُكمِ سنةَ 175 قبل الميلاد أُتبِعَ بإجراءاتٍ ضيَّقَت على اليهود. فقد حَظَرَ عليهم الشعائرَ الدينية كالأعياد، وجَرَّمَ التقاليدَ اليهوديةَ كالخِتان، وأجبرَهم على عبادة الآلهة اليونانية. ارتضى بعضُ سادةِ اليهود ونُخَبِهم الحالةَ الجديدةَ وانصهَروا معها. أمّا عامّةُ الناس فرَدّوا بالرفضِ والتمرّدِ على السلوقيينَ واليهودِ الذين اعتنَقوا الثقافيةَ اليونانيةَ.
سيطَرَ المتمرِّدون على القدس سنةَ 164 قبل الميلاد بقيادة يهوذا المكابي. وبعدَ جولاتٍ من الكرِّ والفرِّ بين المكابيين والسلوقيين قامت مملكةُ يهوذا، وامتدّت في المناطق الجبلية جنوب فلسطين، واتّخذَت القدسَ عاصمةً لها. اتّسعَت بعدَ ذلك لتشملَ الخليلَ وبيت لحم وأريحا. وخصّصَ اليهودُ عيداً سُمّيَ حانوكا (عيد الأنوار) للاحتفال بهذا الانتصار.
اختلفَ المؤرِّخون على أصلِ كلمةِ مكابي لُغَوِيّاً، فمنهم من رَأَى أنَّ أصلَ المكابيين يعود إلى الكلمةِ الآرامية "مقبي" أو "مكابي" التي تعني المطرقة، وهو لقبٌ حازَهُ يهوذا المكابي، لِبَأْسِه وشِدَّتِه في الحرب والنِزال. وآخَرون يرَوْن أن "مكبي" هي الأحرُفُ الأُولى لجملةٍ وردت في التوراةِ في نشيد انتصار موسى على فرعون، وهي "مي كموخا بئليم يهوِه" (مَن مِثلُك بين الآلهة يا ربّ)، وهي عبارةٌ خَطَّها يهوذا المكابي على رايتِه التي خاض بها حروبَه.
وبغضِّ النظرِ عن الرأي الصحيح فالدلالةُ السياسيةُ بَيِّنَةٌ، وقد أُعيدَ توظيفُها مِراراً في الأدبيّات المؤسِّسة للحركة الصهيونية نموذجاً لنهضةِ الشعب اليهوديّ. ثم ما لبثَت أن صارت جزءاً من مرجعيةِ التعبئةِ في العقليةِ الأَمنيةِ والعسكريةِ الإسرائيلية، بل في المُكوِّنِ العاطفيِّ لكثيرٍ من يهودِ الدولةِ العِبرية. وقد أشار بنيامين نتنياهو رئيسُ الوزراء الإسرائيلي إلى المكابيين عندما تَوعَّدَ سكّانَ قطاعِ غزةَ بإحالةِ حياتِهم جحيماً. ففي مؤتمرٍ صحفيٍّ له في 6 ديسمبر الماضي، وصف نتنياهو جنودَه بالمقاتلِين المكابيِّين قائلاً: "مقاتِلونا هم الجيلُ الذي يتابِعُ مسيرةَ المكابيين، إذ يخوضون هذه الأيام القتالَ بشجاعةٍ وبعزمٍ وبمُنتهى الشهامةِ. واليومَ سنُصَلِّي معاً كما حدثَ حينَها من أجلِ سلامتِهم، وسنُصَلِّي معاً من أجلِ سلامةِ بلادِنا، ليكتُبَ اللهُ لنا خلاصاً كبيراً".
لَم تكُن تلك المرّةَ الأُولى التي يَذكرُ فيها نتنياهو سيرةَ المكابيين بأحاديثه وخطاباته السياسية، ففي التاسع عشر من ديسمبر 2017 تحدّث أمامَ حزب الليكود ليرُدَّ على قراراتِ الأممِ المتّحدةِ التي أَقرّت بأن حائطَ البُراقِ أرضٌ فلسطينيةٌ، بقَولِه: "كان لنا وسيَبقَى؛ لَم يكُن للفلسطينيِّين في عصرِ المكابيين".
ففي المِخيال السياسيّ الصهيونيّ يشيرُ مصطلحُ الدياسبورا أو الشتات اليهودي إلى الجماعاتِ اليهوديةِ المتفرِّقةِ في العالَم، لكنَّهُ يفترضُ وجودَ روابطَ بين هذه الجماعات، أهمُّها أرضُ الميعادِ التي سبّبَ بُعدُهم عنها شتاتَهم. ومع أنّ المؤتمَرَ الصهيونيَّ بَحَثَ جِدِّيّاً اقترحاتٍ لإقامةِ وطنٍ لليهودِ في بلدانٍ أُخرى مثل أوغندا والأرجنتين، إلا أن التيّار الصهيوني العامّ عَدَّ شتاتَ اليهود وعدمَ امتلاكِهم دولةٍ مرضاً وعائقاً يحولُ بينهم وبين أن يصبحوا شعباً مثل باقي الأُممِ التي كانت تتسابق لنَيل استقلالها. وبعدَ عددٍ من السِجالات داخلَ التياراتِ الصهيونيةِ عن الأرضِ التي يجب على اليهود استعمارُها، استقرَّ أمرُهم على أرض فلسطين، لِما لها من قيمةٍ رمزيَّةٍ ودينيةٍ قادرةٍ على جمع شتاتِ اليهود ودفعِهِم للهجرةِ إليها. ولقد التقتْ تلك الرؤيةُ وتوافقَت مع مصالحِ القوى الاستعماريةِ الكبرى.
ومع تنوُّعِ مشاربِ التياراتِ القوميةِ اليهوديةِ واختلافِ رؤيتِها السياسية لمستقبَل اليهود، أجمعَت رياضياً على ضرورة بناءِ "اليهوديِّ الجديدِ" الذي سيخلفُ "اليهوديَّ القديمَ" الموسومَ بالضَّعفِ الجسديِّ والنفسي، في اتفاقٍ على ضرورة مَحْوِ الصورةِ النمطية لجسدِ اليهوديِّ الهزيل. لكن حتى بدايةِ القرن العشرين، لَم تكُن تلك الأنديةُ سوى مشاريعَ صغيرةٍ أو محاوَلاتٍ واعدةٍ لا تُعبِّرُ عن تيّارٍ جارفٍ في المجتمعات اليهودية.
وهنا يكمُن دهاءُ نورداو الذي أَدركَ ذلك الواقعَ ليمزجَ الرياضةَ مع النسيجِ الصهيوني، ويرسمَ بهما صورةَ اليهوديِّ القويّ. ولبلوغِ القَصْدِ، كان لا بُدَّ من خلقِ يهوديٍّ جديدٍ خلافَ اليهوديِ القديمِ الضعيفِ الذي أنتجَته معازلُ الغيتو والسياساتُ الأوروبيةُ الرافضةُ اندماجَهم، ما أدّى لتقوقُعِ الجماعات اليهودية اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، للحفاظِ على العاداتِ والتقاليدِ اليهوديةِ من أحكامِ الزواجِ والطعامِ، وحمايةِ مجتمعاتِ اليهودِ من الذوَبانِ في مجتمعاتِ غيرهم.
مِن هنا عَدَّ آباءُ الحركةِ الصهيونيةِ الرياضةَ مَصنعاً مِن مَصانعِ "اليهوديّ الجديد"، ووسيلةً لمَحوِ الصورةِ الجسديةِ النمطيةِ عن اليهود، ثمَّ بَدؤوا مراجعاتٍ عميقةً وطويلةً للثقافةِ الرياضيةِ للمجتمعاتِ اليهوديةِ التي لم تكُن تَكترِثُ كثيراً للأمر.
لَم يكُن الأمرُ رغبةً في تقويةِ أجسادِ اليهود أو إنتاج أبطالٍ رياضيِّين لإثباتِ خطأِ الاعتقاد الأوروبيّ بضعفِ العِرقِ اليهوديّ، بل بُغيةَ إنشاءِ دولةٍ ووطنٍ وبناءِ قُدراتِ الإنسان الذي سيحمي الوطنَ المنشودَ هذا. كانت الرياضةُ أرضَ الملعبِ التي تدرَّب عليها اليهودُ بدنيّاً وعاطفياً وذهنياً من أجل استيطان فلسطين والحلِّ محلَّ شعبِها.
فشأنُ الرياضةِ في التاريخ الصهيونيّ شأنُ مصنعٍ أنتجَ يهوداً أقوياءَ بدنياً، ومسلَّحين بالإيمان بالأفكار الصهيونية، ومستعدِّين للانضمام إلى الوجود اليهودي في فلسطين المتمثّلِ بعملية الاستيطان. ذلك الوجود الذي عَبَّرَ عن اليهود الذين هاجَروا إلى أرض فلسطين قبل النكبة سنةَ 1948، وعن اليهود الذين وُلِدوا في أرض الزعتر والزيتون، سُمِّيَ في الأدبيّات الصهيونية "صابرا" وهو اسمٌ مشتقٌّ من نبات "الصَبْر". يشيرُ المصطلحُ سياسياً إلى نباتٍ ينبتُ في الصحراء بظروفٍ بيئيَّةٍ صعبةٍ، وهو ما صوّرَتهُ الحركةُ الصهيونيةُ عن اليهودِ المولودين في فلسطين الذين يتَّسِمون بالعِناد والقوَّة ويصابِرون مِن أجلِ بناءِ دولتِهم. والرياضةُ بمفهومِها الانضباطيّ ونسختِها العسكريةِ كما كانت في أذهان آباء الحركة الصهيونية صِيغَتْ وسيلةً لإحياءِ أُمّةٍ ظُنَّ أنها ماتت.
بعد لَأْيٍ أَثمرَت الرياضةُ الإسرائيليةُ أُولى ثمارِها السياسية بإقامة الألعاب الأولمبية اليهودية "المكابياد" على أرض فلسطين. فبعد رفضِ القيادة السياسية للحركة الصهيونية مقترحاتٍ عدّةً بسبب الأوضاع السياسية غيرِ المستقرَّةِ في فلسطين آنذاك، اتُّفِقَ على إقامة المكابياد سنةَ 1932 بمدينةِ تل أبيب.
رَعَت بريطانيا إقامةَ المكابياد في فلسطين، ممّا أدَّى إلى انفجارِ الشعب الفلسطيني سنةَ 1936 في ما يُسمّى "الإضراب الكبير" الذي كان إعلاناً عنيفاً عن رفضِ الوضعِ السياسيِّ القائمِ والانحيازِ البريطاني إلى اليهود على حساب السكان الأصليين. شملَ الإضرابُ المَرافقَ البرّيةَ والبحريةَ، واستمرَّ من العشرين من أبريل إلى الأول من أكتوبر. لَم يتوقّف إلا بعدَ توسّطِ الزعماءِ وتلقّي وعودٍ بريطانيةٍ بإنصافِ الشعبِ الفلسطيني، وهو ما لم يتحقق. بل قرَّرت اللجنةُ الملكيةُ الفلسطينية، وهي لجنةٌ بريطانيةٌ، إصدارَ قرارٍ بتقسيم فلسطينَ بين العربِ واليهودِ سنةَ 1937. وفي خِضمِّ هذا الإضرابِ ثارَ العربُ ثورةً عظيمةً وحَملوا السلاحَ ضدَّ الاحتلال البريطاني لإنهاءِ الانتدابِ، ووَقْفِ هجرةِ اليهودِ إلى فلسطين، وتوطينِهم واستحواذِهم على الأراضي. قَمعَت سلطاتُ الانتداب الثورةَ بعنفٍ، وافتقرَ قادةُ التمرّدِ إلى التنسيقِ والوحدةِ، ممّا ساهمَ بفشلِ الثورة في تحقيقِ أهدافِها سنةَ 1939.
عُزّزَت مركزيةُ أرضِ فلسطين في المِخيال السياسي اليهودي والغربي بإقامة المكابياد في فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني آنذاك، ورُوِّجَ لمفهوم الشعب اليهودي؛ إذ كانت الرسالةُ أن الرياضيين اليهودَ المشارِكين في تلك الألعاب جُزءٌ لا يتجزّأُ من الشعب اليهودي الذي يتنافس سَوِيّاً في ألعابه الأولمبية، وإن جاؤوا يهوداً من بلدانٍ مختلفةٍ ولهم ألسنةٌ مختلفة.
جَذَّرَت المكابيادُ بإقامتِها في فلسطين واحداً مِن أهمِّ مرتكزاتِ السَرديّةِ الصهيونية، وهو "أرضٌ بِلا شَعْبٍ"، بمفهوم الشَعبِ الحديث. وإلّا فلماذا لَم يُقِم الفلسطينيون مِن قَبلُ مِثلَ هذه المهرجانات الرياضية؟ وإنْ كانوا شَعباً فإنَّهم شعبٌ بدائيٌّ ليس بصانعِ حضارةٍ أو نهضةٍ، بل رعاةُ غنمٍ أو بدوٌ أجلافٌ لا صِلةَ لهم بالثقافة، لا سيّما الرياضة، بينما اليهودُ القادمون من أوروبا عِرقٌ ذو حضارة. وكأنّ الحركةَ الصهيونيةَ بذلك تُسقِطُ ما نَسَبَته إليها الثقافةُ الأوروبية من عَوارٍ ونقصٍ على الشعب الفلسطيني. بهذا رسّخَت زَعْمَ أنّ اليهودَ القادمين إلى فلسطين هُم وحدهم القادرون على تحويل هذه الأرض إلى جَنّةٍ تُقامُ عليها مهرجاناتٌ رياضيةٌ يَفِدُ الناسُ إليها من كلِّ حَدبٍ وصَوب.
وَفَدَ الرياضيّون والسائحون واللاجئون اليهودُ الذين هُرِّب عشراتُ الآلاف منهم إلى أرضِ فلسطين بذريعةِ السياحةِ وباسمِ الرياضة. لَم يعودوا مَرّةً أُخرى إلى بلدانهم، بل أصبحوا جزءاً من المجتمع الاستيطاني الذي نَما في المنطقة وسَعَى إلى استبدال أهلِ الأرض.
تقدَّم جوزيف يوكتيلي مؤسِّسُ المكابياد وأحدُ رُموزِ مؤسَّسة مكابي تاريخيّاً بطلبِ انضمامٍ إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" سنةَ 1928 باسم "فلسطين الانتداب البريطاني"، وأُجيبَ طلبُه سنةَ 1929. ثم شارَكَ المستوطِنون اليهودُ في محافل كرة القدم الدولية باسم منتخب فلسطين ولكن بأعلامٍ شابَهَت بألوانها علمَ إسرائيل اليوم. ولَم يَعترِف الاتحادُ الدوليُ بمنتخَبِ فلسطين القوميّ الذي يَضمّ فلسطينيِّين عَرَباً أو مِن أُصولٍ فلسطينيةٍ وتحت سُلطةٍ فلسطينيةٍ خالصةٍ إلا بعدَ اتفاقيةِ أوسلو، وتحديداً سنةَ 1998. لكن حتى كتابةِ هذه السطور لَم يُوقِع اتحادُ فيفا أيَّ عقوبةٍ رياضيةٍ على إسرائيل على مخالَفتِها قواعدَه بعدمِ إقامةِ مبارياتٍ في الأراضي المحتلّة، مثل مباريات كرة القدم الإسرائيلية التي تُلعَب في مستوطناتِ الضفةِ الغربية.
لَم يَكتفِ جوزيف يوكتيلي بسرقةِ اتحادِ الكُرَة الفلسطينيِ، إنّما أسَّس اللجنةَ الأولمبية الفلسطينية سنةَ 1934، وراحَ يعملُ على ضمانِ اعترافِ اللجنة الأولمبية الدولية بها. سبقَت جهودُه في الساحةِ الأولمبية تأسيسَه اللجنةَ الفلسطينية؛ فما بين 1929 و 1934 راسلَ يوكتيلي ورفاقُه في منظمة مكابي الرياضيةِ، لا سيّما فريدريك هيرمان كيش، اللجنةَ الأولمبيةَ الدوليةَ لزيارةِ المسؤولين عنها ودعوتِهم إلى زيارة فلسطين، وقَدّموا طلباتٍ عدّةً للاعتراف باللجنة الفلسطينية التي سيطرَ عليها المستوطِنون اليهودُ ممثِّلاً رسمياً عن الرياضة في فلسطين زمنَ الانتداب.
رفضت اللجنةُ الأولمبيةُ الطلباتِ الصهيونيةَ بعدَما عَلِمَت أن "اللجنةَ الفلسطينيَّةَ" هذه أَقْصَت المسلمين والمسيحيين، ولا تمثِّلُ سوى اليهود. لكنَّ يوكتيلي قدّمَ طلباً جديداً بعدَ أن ضَمَّ إلى اللجنةِ علي بيه مستقيم، وهو فلسطينيٌّ مسلمٌ من يافا وعَيَّنه نائباً لرئيس اللجنة، بينما عيّن كيش رئيساً لها. وهو ما أَسْفَرَ عن موافَقةِ اللجنة الأولمبية الدولية على طلب الانضمامِ في 16 مايو 1934، أثناء الاجتماع الثاني والثلاثين للجنة الأولمبية الدولية الذي عُقِد في العاصمة اليونانية أثينا. لَم يكُن لعلي بيه مستقيم أثرٌ يُذكَر بعدَها إنّما كان وجودُه صُورِياً؛ إذْ نَصَّت لائحةُ اللجنة الأولمبية الفلسطينية التي تسيطِر عليها الحركةُ الصهيونيةُ على أنَّها "تمثِّل الوطنَ القوميَّ اليهوديَّ"، وكان من المتوقع أن تُقاطِعَ "فلسطينُ الانتدابِ البريطانيِ" دورةَ الألعابِ الأولمبيةِ التي أقيمت بألمانيا سنةَ 1936. وقتئذٍ أَرسلَت اللجنةُ الأولمبيةُ الألمانيةُ دعوةً إلى خمسٍ وخمسينَ دولةً منها فلسطين للمشارَكةِ في الأولمبياد. اغتَنمَت الحركةُ الصهيونيةُ الفرصةَ للمطالَبةِ بإرسال رياضيِّين يهودٍ ممثِّلين عن فلسطين، أو ما سمَّوه في أَدَبيّاتهم "إيرتس يتسرائيل"، أي "أرض إسرائيل". لكن تراجعَ مُمثِّلو الحركةِ الصهيونية عن المشاركة سنةَ 1935 مع صدورِ قوانين "نورمبرج" في ألمانيا التي جَرّدَت المواطنين غيرَ الآرِيِّين من الجنسية الألمانية، وصَبّوا جهودَهم على تطويرِ المكابياد وسيلةً أفضلَ لتحقيق أهدافهم.
ففي سنة 1908 أسَّست كليَّةُ المعارفِ فريقَ كرةِ القدم سَمَّته "روضة المعارف"، ثمّ شَكَّلَت أَوّلَ فريقٍ مدرسيٍّ لكرةِ القدم في مدرسة المطران القديس جورج في القدس في العامِ نفسِه. وفي سنة 1909 تأسَّسَت المدرسةُ الدستوريةُ بالقدس، وأَوْلَت عنايةً خاصةً بالرياضة. وسنةَ 1911 أسَّس شُبّانٌ من مدينة يافا "المنتدى الرياضي" أولَ نادٍ رياضيٍ ثقافيٍ واجتماعي بفلسطين. لَم تكُن الأنديةُ الفلسطينية حينئذٍ فِرَقاً رياضيةً، بل أنديةً ذاتَ بُعدٍ اجتماعيٍ وسياسيٍ؛ إذ يُمثِّلُ كلُّ فريقٍ قريةً أو منطقةً جغرافيةً بعينِها. وبعدَ إعلانِ وعد بلفور سنةَ 1917، وازدياد النشاط الصهيوني في فلسطين، احتدمَت وتيرةُ تأسيس الأندية الرياضية والجمعيات الخيرية والكشفية العربية، ونَحَتْ نَحواً وطنياً.
وقد بلغَ عددُ الأندية الفلسطينية قبلَ النكبةِ خمسةً وستّين نادياً، ووصلَ عددُ الأنديةِ القُرَويةِ في القدس ومحيطِها ثمانيةَ عشر نادياً كما أورَد الخالدي. نَظَّمت تلك الأنديةُ منافَساتٍ ومبارياتٍ بينها، وقُسّمَت إلى درجاتٍ مختلفةٍ بحيثُ تتنافسُ في كلّ درجةٍ نخبةٌ من الأندية. وكانت ذاتَ نفوذٍ ثقافيٍّ واجتماعيٍّ، ولَم تكُن مجرّدَ حَواضِنَ أو ساحاتٍ لركلِ الكرةِ أو الركضِ. ومَدّت الأنديةُ الفلسطينيةُ جسورَ الترابط القوميّ والثقافيّ بين بعضِها وبين الأندية العربية الأُخرى، فشاعَت زياراتُ أكبرِ الأندية العربية إلى فلسطين في الثلاثينيّات، ومنها أندية الترسانة المصري والاتحاد السكندري المصري وفريق الجامعة الأمريكية ببيروت.
كان أكبرُ إنجازات الاتحادِ الرياضي الفلسطيني قبلَ النكبة تنظيمَ مهرجانٍ رياضيٍّ كبيرٍ في مدينة يافا سنةَ 1934 شارَكَ فيه أكثرُ من خمسةِ آلافِ رياضيٍّ جاؤوا من دولٍ عربيةٍ عدّةٍ، وتنافسوا في مسابقاتِ الوثبِ والعَدْوِ وألعابِ القوى. وكان ذلك المهرجانُ ردّاً على تنظيم المكابياد.
أمّا مَكَابِي، المنظّمةُ ذاتُها، فتعيشُ أزهى عصورِها حالياً؛ إذ امتدّت فروعُها إلى ستِّ قارّاتٍ، منتشرةً في أربعٍ وسبعينَ دولةً، وينتسِبُ إليها أكثرُ من أربعمئةٍ وخمسين ألف عضوٍ. ولها خمسةُ أنديةٍ تحملُ اسمَها في دوريِّ كرةِ القدم الإسرائيلي الممتاز، وهي مكابي تل أبيب ومكابي بيتاح تكفا ومكابي راينا ومكابي حيفا ومكابي نتانيا.
وبالرياضة أَنتجت الحركةُ الصهيونيةُ برعايتها لمنظّمةِ مَكَابي اليهوديَّ القويَّ؛ يهوديّاً مفتولَ العضلاتِ وصلبَ الإرادةِ، ويَعتنقُ عقيدةً صهيونية لا تتزعزع. ذلك اليهوديُّ القويُّ أحدُ صُورِ "اليهوديّ الجديد" التي رَسخَتْ في المخيالِ السياسي الصهيوني ورُوِّجَت في العالَم.
رُبما لم يكُن لمكابي حركةً ومنظمةً دورٌ عسكريٌّ بارزٌ في النكبةِ أو المَعاركِ التي سَبقَتها، إلّا أنها كانت من المُزارعين الكبارِ الذين نَثَروا بُذورَ القوميةِ اليهوديةِ في عقولِ يهودِ الشتات. ثمّ جَذَّرَت مفهومَ السيادةِ اليهوديةِ على أرضِ فلسطين بإقامة المكابياد التي كانت من العواملِ المحفِّزةِ والمسرِّعةِ في إنشاءِ دولةِ إسرائيل؛ بربطِها يهودَ الشتاتِ والمَنافي بأرضِ فلسطين، وخلقِ روابطَ بين الرياضيين المشارِكين وعائلاتِهم، وإقناعِهم أنّ فلسطينَ هي المكانُ الأنسبُ في قابلِ الأيامِ.
وكذلك فَعلَت مكابي برعايةِ أنديةٍ رياضيةٍ وتأسيسِها يومَ خَلَقَت حالةً اجتماعيةً إسرائيليةً نافيةً الوجودَ الفلسطينيَّ. فالثقافةُ الرياضيةُ التي خَلَقَتها، والسِماتُ الجسديةُ التي أكسبَتها لمنتسِبيها، والعقيدةُ التي غَرسَتها في نفوس الشُبّان اليهود، والحُلمُ الذي جَذَبَت به عشراتِ آلافِ الشُبّان؛ كلُّ ذلك أثمرَ بناءَ دولةِ إسرائيلَ على أشلاءِ فلسطين.
