اتّجاهُ الحكومةِ السوريةِ إلى إعادةِ هيكلةِ نظامِ الدعمِ بالتحوّلِ إلى منحِ الدعمِ النقديِّ المباشرِ للمواطنين بدلاً من دعمِ السلعِ الأساسيةِ بالبطاقةِ الذكيةِ –التي يستخدمُها المواطنون لشراءِ السلعِ المدعومةِ– يأتي في إطارِ السياساتِ التقشفيةِ المستمرّةِ على مدى السنواتِ القليلةِ الماضيةِ، والمستهدِفةِ خفضَ الدعمِ للمنتجاتِ الأساسيةِ مثل المشتقّاتِ النفطيةِ والخبز. أثَّرَت هذه السياساتُ تأثيراً كبيراً في تكلفةِ المعيشةِ للمواطنين، ممّا زادَ مِن معاناتِهم. وبينما تسعى الحكومةُ لتبريرِ هذا التحوّلِ بالقولِ إنه يستهدفُ تقليلَ الفسادِ وتحسينَ توزيعِ الدعمِ، تُظهِرُ التجاربُ السابقةُ في المنطقةِ العربيةِ أن مثلَ هذه السياساتِ قد تؤدّي إلى تفاقمِ الفجوةِ الاقتصاديةِ وزيادةِ معاناةِ الفئاتِ الأكثرِ هشاشة. وتُظهِرُ السياساتُ الاقتصاديةُ المتَّبعةُ، ومنها خصخصةُ القطاعاتِ الحيويةِ، تحوّلاً نحو تعزيزِ نفوذِ رجالِ الأعمالِ المرتبطينِ بالنظامِ، مع تقليصِ المسؤولياتِ الاجتماعيةِ للدولةِ، ممّا يزيد من التحدّياتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ التي يواجهُها الشعبُ السوريّ.
ومِن أحدثِ الأمثلةِ على الإجراءاتِ التقشّفيةِ ما حدثَ في فبراير سنة 2024، حين رفعَت وزارةُ التجارةِ الداخليةِ وحمايةِ المستهلِكِ مجدّداً سعرَ بيعِ رغيفِ الخبزِ المدعومِ بنسبةٍ تصلُ إلى 100 بالمئةِ، والمازوت للأفرانِ بنسبةٍ تزيدُ عن 165 بالمئة. وإثرَ هذه الزياداتِ وصلَ سعرُ ربطة الخبز بوزن 1100 غْرامٍ إلى 400 ليرةٍ سوريةٍ، بينما قفزَ سعرُ لترِ المازوت المدعومِ للأفرانِ من 700 ليرةٍ سوريةٍ إلى 2000 ليرةٍ سوريةٍ، بحسب ما نقلَتْه صحيفةُ الوطن. وفي المدّةِ ذاتِها، أعلنَت وزارةُ الكهرباءِ عن زيادةٍ جديدةٍ في تكلفةِ الكهرباءِ وصلَت إلى زياداتٍ تتراوحُ بين أكثرَ من 300 بالمئةِ و585 بالمئة. وشملَ القرارُ أسعارَ الكهرباءِ للاستخداماتِ المنزليةِ والتجاريةِ والصناعيةِ والزراعيةِ وكذلك المنشَآتِ السياحية. وفي مارس 2024، قدّرَت صحيفةُ قاسيون أنّ كلَّ أسرةٍ تحتاجُ إلى ما لا يقلُّ عن 3 ملايين ليرةً سوريةً سنوياً، أيْ ما يعادلُ 238 دولاراً أمريكياً بسعرِ الصرفِ الرسميّ يومَها، لتغطيةِ احتياجاتِها من الكهرباءِ، ومِن ذلك نظامُ الأمبيرِ الذي يَعتمِدُ على مولِّداتٍ ضخمةٍ يُركِّبُها تجّارٌ في الأحياءِ لتوفيرِ الكهرباءِ للمنازلِ والمحلّاتِ لقاءَ اشتراكٍ شهريٍّ، وتُمثِّلُ هذه بديلاً لخدمةِ الكهرباءِ الحكومية.
في نهايةِ شهرِ مارس 2024، قال بشار الأسد في لقاءٍ نُشِرَت تفاصيلُه في جريدةِ الوطن، بحضورِ أساتذةٍ اقتصاديّين تابعين لحزبِ البعثِ إنّ السياساتِ المتعلّقةِ بالإعاناتِ والدعمِ يجب أن تبقَى مبدئياً، ولكنّ أشكالَها يجب أن تتغيّرَ لتكونَ مفيدةً وتدعمَ المحتاجين. وأضافَ أن شكلَ الدعمِ الحاليِّ لا يحقّقِ أهدافَه، بل إنه يسهِمُ في تسهيلِ الفسادِ والبيئةِ الفاسدة. وقال إنّ محاربةَ الفسادِ قضيّةٌ أساسيةٌ لتحسينِ معيشةِ المواطنين وتوزيعِ الدعم. وأوضحَ الأسدُ وخبراءُ اقتصاديّون آخَرون أنّ الدعمَ يجب أن يوجَّهَ نحو الأفرادِ وليس السلعِ؛ بمعنىً آخَرَ تقديمُ النقدِ بدلاً من دعمِ سلعٍ كالخبزِ على سبيلِ المثال. ومِن هذا المنظورِ، أوضحَ أحدُ الاقتصاديّين الحاضرين في هذه المناقشة أن قضيةَ تلقّي الدعمِ النقديِّ بالبطاقةِ الذكيةِ أسهمَت بتفكيكِ جزءٍ من منظومةِ الفسادِ الموجودةِ في دعمِ السلع. وكان قد انعقدَ نقاشٌ في منتصفِ شهرِ يوليو 2023 في جامعةِ دمشق، بمشاركةِ رئيسِ الجامعةِ ونُوّابِه وعددٍ من الجهاتِ المَعنِيّةِ، كالأمانةِ السوريةِ للتنميةِ، إزاءَ قضيةِ "إلغاء الدعم الحكومي وتحويله إلى دعم نقدي".
وأدّى استلامُ بشار الأسد السلطةَ عامَ 2000، والسياسةُ التي تدعو إلى تحريرِ الاقتصادِ، إلى تسريعِ هذه العمليةِ بشكلٍ هائل. فعلى سبيلِ المثالِ، بدأَت أسعارُ المشتقّاتِ النفطيةِ بالارتفاعِ في أوائلِ العقدِ الأوّلِ من القرنِ الحادي والعشرين. وفي عام 2006، أوصَى تقريرٌ صادرٌ عن صندوق النقد الدولي السلطاتِ السوريةَ بضرورةِ "إصلاح دعم أسعار النفط"، وبشكلٍ أدقَّ بإلغاءِ الدعمِ تدريجياً بحلولِ عام 2010. وفي نهايةِ العقدِ الأوّلِ من القرنِ الحادي والعشرين، أعلَنَ المسؤولون السوريّون، في عدّةِ مناسباتٍ، أن معظّمَ منتَجاتِ الطاقةِ، وخاصّةً المشتقّاتِ النفطيةَ، سوف تُباعُ بسعرِ السوقِ بحلولِ عامِ 2015.
واقترنَ خفضُ الدعمِ بتدابيرَ تقشفيةٍ أُخرى، مثل وقفِ التوسعِ في تشغيلِ العمالةِ في القطاعِ العامِّ، وتقليصِ دَورِ الدولةِ في الاستثمارِ المَحلِّيّ. وانخفضَ الإنفاقُ على الضمانِ الاجتماعيِّ انخفاضاً كبيراً بسبب التخفيضاتِ التي طرأَت على نظامِ التقاعدِ في العقدِ الأوّلِ من القرنِ الحادي والعشرين. ولَم يرتفع الإنفاقُ على الرعايةِ الصحّيةِ والتعليمِ بما يتماشى مع النموِّ السكّانيّ. وفي الإطارِ نفسِه، شرعَت الحكومةُ في خصخصةِ المدارسِ، وخاصّةً الجامعاتِ والكلّياتِ تدريجياً. ورافقَ هذه الإجراءاتِ انخفاضُ جودةِ الخدماتِ الصحّيةِ العامّةِ وكمّيَّتُها، ممّا ألجأَ السوريين إلى القطاعِ الخاصِّ للحصولِ على الخدماتِ الأساسية. ثمّ إنّ الحكومةَ شجّعَت خصخصةَ النظامِ الصحّيِّ، ولا سيّما بمحاولةِ تحويلِ الوحداتِ الطبّيةِ إلى وحداتٍ اقتصاديةٍ مستقلّةٍ تَعتمدُ على مواردِها الخاصّةِ بتقديمِ خدماتٍ مُجزية. وبهذا تمكّنَت المستشفياتُ العامّةُ مثلاً من تخصيصِ حصّةٍ من أَسرّتِها للقطاعِ الخاصِّ والتمتع بالمرونة في فرض الرسوم، كما فصَّلَت مقالةٌ منشورةٌ في موقعِ "ذا سيريا ريبورت" في أبريل 2024. جاءت هذه السياساتُ على حسابِ الغالبيةِ العظمَى من الطبقاتِ الشعبيةِ في سوريا، التي تضرّرَت من التضخّمِ وارتفاعِ تكاليفِ المعيشة.
كانت الحججُ التي قدّمَتها الحكومةُ وصندوقُ النقدِ الدوليُّ ضدَّ الدعمِ في ذلك الوقتِ مماثلةً تماماً لتلك التي تُطرَحُ حاليّاً. إذْ لَم تستفِدْ منها الطبقاتُ الاجتماعيةُ الأكثرُ حرمانا ًفي المجتمعِ. وشَجّعتَ الفسادَ وآليّاتِ التهريبِ، مثل تهريبِ المازوت من سوريا إلى البلدان المجاورةِ. وفيما يتعلّقُ بدعمِ المشتقّاتِ النفطيةِ، كانت تُشكِّلُ عِبئاً مفرِطاً على ميزانيةِ الدولة. شَكَّلَ دعمُ المشتقّاتِ النفطيةِ، وخاصّةً المازوت والغاز، نسبةً كبيرةً من الموازنةِ العامّةِ للدولةِ في عامِ 2010، إذْ أُنفِقَ حوالي 15.5 بالمئةِ على دعمِ المشتقّاتِ النفطيةِ، بنحوِ 117 مليارَ ليرةٍ سوريةٍ، أو ما يعادلُ 2.46 مليار دولارٍ أمريكيٍّ آنذاك. وزعموا أنها تضرُّ بالبيئةِ وتَستنزِفُ احتياطياتِ المياه. واقترحوا تعويضاتٍ عن خفضِ الدعمِ، نُفِّذَ بعضُها أحياناً، كالمساعَداتِ النقديةِ المباشرةِ للمزارعين وزيادةِ الرواتب.
أَبطأَت الثورةُ السوريةُ عامَ 2011 عمليةَ خفضِ الدعمِ لفترةٍ وجيزةٍ، قبل المضيِّ قُدُماً مرّةً أُخرى في السنواتِ القليلةِ الماضية.
ولكنّ هذا الوضعَ الكارثيَّ لَم يوقِف الآليّاتِ الاقتصاديةَ التي تصبُّ في صالحِ تراكمِ رأسِ المالِ الخاصِّ وتقليصِ المسؤولياتِ الاجتماعيةِ للدولةِ، بل على العكسِ من ذلك تماماً. ففي فبراير 2016، أعلنَت الحكومةُ السوريةُ عن "التشاركية الوطنية"، وهي خُطّةٌ اقتصاديةٌ سياسيةٌ جديدةٌ حلّت محلَّ "اقتصاد السوق الاجتماعي" السابق. ومن الجوانبِ الأساسيةِ لهذا التوجّهِ الجديدِ قانونُ "الشراكة بين القطاعين العام والخاص" الذي صدرَ في يناير 2016، بعد ستِّ سنواتٍ من صياغتِه، والذي يخوِّلُ القطاعَ الخاصَّ إدارةَ وتطويرَ أصولِ الدولةِ في جميعِ قطاعاتِ الاقتصادِ بوصفِه مساهِماً أو مالكاً بالأغلبيةِ، باستثناءِ استخراجِ النفط. وأعلنَ وزيرُ الاقتصادِ والتجارةِ الخارجيةِ السابقُ همام الجزائري أن القانونَ أَنشأَ "إطاراً قانونياً لتنظيم العلاقات بين القطاعين العامّ والخاصّ ويلبّي الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة في سوريا، وخاصّةً في مجال إعادة الإعمار"، مع إتاحةِ الفرصةِ للقطاعِ الخاصِّ "للمساهمة في التنمية الاقتصادية كشريكٍ رئيسيٍّ وفعّالٍ، والمساعَدةِ أيضاً في تطويرِ القطاعِ العامِّ بالعلاقاتِ التعاقديةِ المحدودةِ زمنياً مع القطاعِ الخاصّ".
وأَحدثُ مثالٍ على عملياتِ الخصخصةِ هذه هو الإعلانُ في نهايةِ يوليو 2024 عن إبرامِ عقدٍ يسمحُ لشركةٍ خاصّةٍ بإدارة الخطوط الجوية السورية. وقال مدير الخطوط الجوية السورية إن العقدَ مع الشركةِ الخاصّةِ سيكونُ لمدّةِ عشرينَ عاماً وستحصلُ الحكومةُ على 25 بالمئةِ من الإيراداتِ السنويةِ في السنواتِ العشرِ الأُولى، وسترتفعُ إلى 37.5 بالمئةِ في السنواتِ العشرِ الثانيةِ من العقد.
عمليةُ الخصخصةِ هذه تُرسِّخُ نفوذَ رجالِ الأعمالِ التابعين للنظامِ وسيطرتَهم على المنفعةِ العامّةِ، على حسابِ مصالحِ الدولةِ والمصالحِ العامّة. لذا، تتكفّلُ هذه السياساتُ الاقتصاديةُ بتجديدِ استراتيجياتِ تراكمِ رأسِ المالِ الخاصِّ التي تعودُ إلى ما قبلَ عامِ 2011، وفي الوقتِ نفسِه، تُجدِّدُ وتُرسِّخُ استبداديةَ النظامِ ونزعةَ التوريثِ فيه.
وشملَت رغبةُ الحكومةِ في خصخصةِ الاقتصادِ بشكلٍ أكبرَ قطاعاتٍ اجتماعيةً رئيسةً، مثلَ نظامِ الصحّةِ والتعليم. ففي منتصفِ شهرِ مارس 2024، نُظِّمَ مؤتمرٌ في جامعةِ دمشق تحت عنوان "الاستثمار في الصحة: الإمكانات والغايات"، حضرَه وزيرُ الصحّةِ الدكتورُ حسن غباش ومسؤولون حكوميون وممثلون عن قطاعَي الأدويةِ والتأمينِ وأعضاءُ نقابةِ الأطبّاءِ ونقابةِ الصيادلة. وصرّحَ وزيرُ الصحة ومعاونُه أن الوزارةَ بدأَت عمليةَ تحويلِ جميعِ المستشفياتِ إلى هيئاتٍ عامّةٍ تتمتّعُ بالاستقلالِ الإداريِّ والماليِّ، فضلاً عن إجراءاتِ النظرِ في نموذجِ الشراكةِ بين القطاعين العامِّ والخاصِّ لإدارةِ المرافقِ الطبّية. وبالمِثلِ، يُستهدَفُ التعليمُ أيضاً. فبعد أسبوعين من المؤتمرِ المذكورِ آنِفاً، عقدَت جامعةُ دمشق مؤتمراً آخَرَ بعنوان "الاستثمار في التعليم"، بحضورِ مسؤولين من وزارةِ التربيةِ ورئيسِ الاتحادِ الوطنيِّ لطلبةِ سوريا وممثّلين عن القطاع.
وفي قطاعِ الطاقةِ، اتُّخِذَت بالفعلِ خطواتٌ مماثلةٌ لمزيدٍ من الخصخصة. فعلى سبيلِ المثالِ، مَنَحَ القانونُ رقمُ 41 لعامِ 2022 المزيدَ من سلطاتِ التعاقدِ للهيئاتِ الحكوميةِ للكهرباءِ في المحافظاتِ، وخَفَّفَ شروطَ بيعِ الكهرباءِ المنتَجةِ بشكلٍ خاصٍّ للمستهلِكين. وذَنِك إجراءان من شأنِهما أن يشجِّعا على الاستثمارِ الخاصِّ في هذه الصناعة. وفي إطارِ هذا القانونِ، مَنَحَت الحكومةُ لشركةٍ سوريةٍ امتيازَإدارةِ محطّةِ توليدِ الكهرباءِ في دير علي بموجبِ قانونِ الشراكةِ بين القطاعين العامِّ والخاصِّ، ولكن دون الكشفِ عن اسمِ الشركةِ أو تفاصيلِ العَقدِ الأُخرى. والمحطّةُ، التي تقعُ بالقربِ من دمشق، هي واحدةٌ من أحدثِ وأكبرِ المحطّاتِ في البلادِ، حيث تنتجُ 930 ميغاواط من إجماليِّ إنتاجِ البلادِ البالغِ 2000 ميغاواط. ومع هذا، فإن استخدامَ نظامِ الأمبيرات اليومَ هو الذي امتدَّ في مختلفِ أنحاءِ البلادِ، متجاوِزاً مدينةَ حلب حيث ظهرَ في البدايةِ، نتيجةً للتدميرِ الواسعِ للبنى التحتيةِ لمحطاتِ الكهرباءِ، وعجزِ الحكومةِ عن تأمينِ الكهرباء. وفي هذا الإطارِ، وفي ترسيخٍ لهذه الآليّةِ، عَمَدَت الحكومةُ أيضاً إلى تعميقِ إجراءاتِ التقشّفِ وتقليصِ سياساتِ الدعم.
وفي هذا السياقِ، أصدرَت وزارةُ النفطِ في عامِ 2014 بطاقةً ذكيةً لتنظيمِ استهلاكِ بعضِ السلع. وكان المسؤولون السوريون يَدرسون منذ عام 2007 إمكانيةَ تطبيقِ نظامِ حصصِ البطاقةِ الذكيةِ لترشيدِ استهلاكِ الوَقودِ وخَفضِ فاتورةِ الدعمِ الحكوميّ. وكانت البطاقةُ الذكيةُ تسمح في البدايةِ للسوريين في المناطقِ الخاضعةِ لسيطرةِ النظامِ بشراءِ كمّياتٍ محدودةٍ من الوَقودِ والمنتجاتِ النفطيةِ بسعرٍ مدعوم. ثمّ أضيفَت منتجاتٌ أُخرى إلى البطاقةِ الذكيةِ، مثل الخبز.
يَبلغُ إجماليُّ العددِ الرسميِّ للبطاقاتِ الذكيةِ ما بين 4.1 و4.6 مليون بطاقةٍ، بحسبِ تقريرٍ لصحيفةِ الوطن. ولا توجدُ بياناتٌ رسميةٌ عن عددِ الأُسَرِ التي تَستخدمُ البطاقاتِ الذكيةَ لشراءِ السلعِ المدعَّمة. ولَم يتّضحْ ما إذا كان هذا الرقمُ يشملُ استبعادَ نحو 600 ألفِ أسرةٍ من برنامجِ الدعمِ في عام 2022 أَمْ لا.
يُمكِنُ لجميعِ الأُسَرِ السوريةِ المقيمةِ في المناطقِ الخاضعةِ لسيطرةِ النظامِ، من الناحيةِ النظريةِ، التقدّمُ بطلبٍ للحصولِ على بطاقةٍ ذكيةٍ بتقديمِ الوثائقِ اللازمةِ إلى المحافظةِ المحلّية. إلّا أن العديدَ من السوريين يَفتقرُ إلى الوثائقِ المطلوبةِ أو يعيشون بعيداً عن المراكزِ الحضريةِ، وبالتالي لا يمكنُهم التقدّمُ بيُسر. وحتّى الأُسَرُ المسجَّلةُ تَتلقَّى كمّياتٍ أقلَّ من الكمّياتِ المخصَّصةِ رسمياً، أو أنّ ما يُخصَّصُ يَصلُ متأخّراً. ثمّ إنّ بعضَ المشتركين الذين حصلوا على المخصّصاتِ يدفعون رسوماً إضافيةً لتكاليفِ النقل.
وفي الحالتَيْن، فإنّ نقصَ المنتجاتِ المدعومةِ، وخاصّةً المشتقّاتِ النفطيةَ، دفعَ الأفرادَ والشركاتِ الخاصّةَ إلى الشراءِ من "السوق الحرّة" أو "السوق السوداء". ومع ذلك، كانت الكمّياتُ في "السوق الحرة" أو "السوق السوداء" مقيّدةً وأكثرَ اتّساعاً. كانت الحكومةُ ترفعُ الدعمَ تدريجياً عن المنتجاتِ المدعومةِ، ممّا أدَّى إلى زيادةٍ كبيرةٍ في أسعارِها، سواءً المشتقّاتِ النفطيةَ أو الخبزَ، في حين كانت الكمّيةُ المخصّصةُ للأُسَرِ تتضاءلُ باستمرار.
وفوق ذلك، اتّخذَت دمشقُ خطوةً مهمّةً أُخرى في الأَوّلِ من فبراير 2022. حيث أعلنَت استبعادَ ما يَقرُبُ من ستّمئةِ ألفِ أُسرةٍ من برنامجِ الدعم. وستُضطَرُّ العديدُ من الأُسَرِ المستبعَدةِ من نظامِ الدعمِ إلى تقليصِ استهلاكِها للسلعِ الأساسيةِ بسببِ الفجوةِ الكبيرةِ بين الأسعارِ المدعومةِ وغيرِ المدعومة. وفي بعض الحالاتِ، قد تتوقّفُ هذه الأُسَرُ عن شراءِ منتَجٍ معيَّنٍ تماماً.
الأهدافُ الرئيسةُ للحكومةِ من وراءِ هذه التخفيضاتِ على الدعمِ، وخاصّةً على المشتقّاتِ النفطيةِ، هي أهدافٌ ماليةٌ ونقديةٌ، كاستقرارِ الليرةِ السوريةِ، وزيادةِ إيراداتِ الدولةِ، وتقليصِ الإنفاقِ الحكوميِّ على الدعمِ، وتراكمِ العملاتِ الأجنبية. وهذه كلّها سياساتٌ تدعو لها في العادةِ المنظّماتُ الدوليةُ مثلَ صندوقِ النقدِ الدوليِّ بحُجّةِ أنّ نتائجَها تُسهِمُ في إصلاحِ الماليةِ العامّةِ للدولةِ، لكنها لا تؤتي ثمارَها في كثيرٍ من الأحيان حتى على المؤشّراتِ الاقتصاديةِ الكبرى للدولةِ، فضلاً عن تشكيلِها عبئاً على المواطنين، لا سيّما محدودي الدخل. وقد اتّضحَ هذا في الانخفاضِ المستمرِّ في حصّةِ الإنفاقِ على الإعاناتِ العامّةِ وبرامجِ الدعمِ الأُخرى. ففي أحدثِ ميزانيةٍ لعامِ 2024، انخفضَت حصّةُ الإنفاقِ على الإعاناتِ العامّةِ وبرامجِ الدعمِ الأُخرى إلى 18 بالمئةِ في عامِ 2024، مقارنةً بنحوِ 30 بالمئةِ في عامِ 2023. وتمثّلُ هذه الإعاناتُ 5.6 بالمئةِ فقط من ميزانيةِ عامِ 2024، مقارنةً بنحوِ 15.5 بالمئةِ في عامِ 2010. وفوق ذلك، كانت تدابيرُ التقشّفِ هذه غيرَ فعّالةٍ إلى حدٍّ كبيرٍ في استقرارِ الاقتصادِ السوريّ.
وللتعويضِ عن ارتفاعِ أسعارِ المنتجاتِ المدعومةِ، وخاصّةً المشتقّاتِ النفطيةَ في السنواتِ القليلةِ الماضيةِ، مَنَحَت الحكومةُ مكافآتٍ دوريةً لموظّفي الدولةِ والجنودِ والمتقاعدين، فضلاً عن بعضِ الزياداتِ في الرواتب.
ولكنّ تلك التدابيرَ لَم تخفِّفْ من معاناةِ المواطنين المستمرّةِ وارتفاعِ تكاليفِ المعيشة. فمعظمُ العاملين في الدولةِ لا يستطيعون تغطيةَ الغالبيةِ العظمى من احتياجاتِهم الشهريةِ برواتبِهم. ويَبلغُ الحدُّ الأَدنى لرواتبِ موظّفي القطاعِ العامِّ الحاليِّ ما بين 280,890 و336,348 ليرةً سوريةً، أيْ ما يعادلُ 22.2 و26.6 دولاراً أمريكياً. وهذا لا يكفي لإعالةِ الأُسرة. وتكلفةَ المعيشةِ، كما قِيسَتْ بسَلَّةِ الإنفاق الدنيا، بلغَت 2,696,877 ليرة سورية لأسرةٍ مكوّنةٍ من خمسةِ أفراد. وهذا يمثّلُ أكثرَ من ضِعفِ ما كانت عليه في الفترةِ نفسِها من العامِ الماضي، ويمثّلُ زيادةً بنسبةِ 104 في المئةِ، وأربعةَ أضعافٍ خلال عامَيْن فقط. وكان الضغطُ الأكبرُ على تكلفةِ المعيشةِ في شهرَيْ يناير وفبراير ناجماً عن خفضِ الدعمِ على الوَقودِ والخبز. ومؤخّراً، وفقاً لتقديرات صحيفة قاسيون، بلغَ متوسّطُ تكلفةِ المعيشةِ لأسرةٍ سوريةٍ مكوّنةٍ من خمسةِ أفرادٍ في دمشق 13 مليونَ ليرةٍ سوريةٍ، وبلغَ الحدُّ الأدنى 8.1 مليونَ ليرةٍ سوريةٍ في يوليو 2024. وقد دفعَ هذا الوضعُ أغلبَ الموظّفين المدنيّين والجنودَ وغيرَهم من العاملين في مؤسّساتٍ سوريةٍ إلى البحثِ عن وظائفَ إضافيةٍ، وأصبحوا أقلَّ مناعةً ضدَّ الأنشطةِ الاقتصاديةِ غيرِ القانونيةِ، بما في ذلك الفساد. وبالفعلِ أصبحَت سوريا واحدةً من أكثرِ الدولِ فساداً في العالمِ بحسبِ مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، والذي صنّفَها في المرتبة 177 من أصلِ 180 دولةً في عام 2023. الفسادُ موجودٌ منذ عدّةِ عقودٍ في سوريا، لكنّه نَما بشكلٍ كبيرٍ بعد 2011. وأسهمَت عدّةُ عواملَ في تفاقمِ انتشارِ الفسادِ داخلَ المجتمعِ، منها سياساتُ النظامِ السوريِّ وصلاحيّاتُه المخوَّلةُ لجهاتٍ محدّدةٍ دون قيدٍ أو رقابةٍ، والوضعُ الاقتصاديُّ المتدهورُ باستمرارٍ، وانخفاضُ رواتبِ الموظّفين الحكوميّين.
وفي هذا السياقِ، أصبحَت التحويلاتُ الماليّةُ من الشتاتِ السوريِّ دعماً رئيساً لسُبُلِ عيشِ شرائحَ كبيرةٍ من السكّانِ في السنواتِ القليلةِ الماضيةِ، وخاصّةً مع الارتفاعِ المستمرِّ في تكاليفِ المعيشة. وتطوّرَت لتصبحَ المَصدرَ الرئيسَ للمواردِ الماليةِ لعددٍ متزايدٍ من الأُسَرِ في البلادِ، ولتُمكِّنَهم بالتالي مِن تجنّبِ الجوع.
ومِن هذا المنظورِ، فإنّ فرصَ العملِ والوظائفَ، برواتبِها الحاليّة، لا تغطِّي سوى نزرٍ يسيرٍ مما يحتاجُه الموظّفون السوريّون للعيشِ بكرامةٍ وتغطيةِ الاحتياجاتِ اليوميةِ لهم ولِمَن يُعيلون. وما زالت الحكومةُ تفشلُ إزاءَ هذه القضيةِ على مَدى السنواتِ القليلةِ الماضيةِ، وفوق ذلك أدَّتْ سياساتُها إلى تفاقمِ الظروفِ المعيشيةِ للسكّان.
كثيراً ما تتباطأُ الكمّياتُ التي توفّرُها الدولةُ من زيتِ الوَقودِ وزيتِ الغازِ للمزارعين والمصنّعين بسعرٍ ثابتٍ أو مدعومٍ، فتتأخّرُ عدّةَ أيامٍ وحتّى أسابيعَ في بعضِ الحالات. وهي عموماً غيرُ كافيةٍ لاستدامةِ أنشطةِ التصنيعِ والزراعةِ مُدَداً قصيرةً متعدّدة. وبينما تواجِه البلادُ نقصاً حادّاً متكرّراً في الإمداداتِ، فإنّ المزارعين والمصنِّعين يشترون هذه السلعَ من السوقِ السوداءِ، حيثُ تتضاعفُ الأسعارُ بما يصلُ إلى خمسةٍ إلى عشرةِ أضعافٍ اعتماداً على كمّيةِ السلعِ ومَدى الحاجّةِ إليها. ويؤثّرُ ارتفاعُ أسعارِ زيتِ المازوت على رسومِ النقلِ للمصنِّعين والمزارعين. وبالمِثلِ أَثَّرَ ارتفاعُ الأسعارِ في المولِّداتِ الخاصّةِ بالشركاتِ الصغيرةِ، والتي تعوِّضُ عن ساعاتِ انقطاعِ التيّارِ الكهربائيِّ الطويلة. وتُعيقُ هذه النفقاتُ المرتفعةُ بعضَ الشركاتِ المصنِّعةِ الصغيرةِ عن مواصلةِ أنشطتِها بمعدّلِها الطبيعيّ.
أَدَّى خفضُ الدعمِ على المشتقّاتِ النفطيةِ إلى زيادةِ رسومِ النقلِ، ممّا أَثَّرَ على الأفرادِ الذين يعيشون خارجَ المراكزِ الحضريةِ الكبرى حيث توجدُ معظمُ مؤسّساتِ الدولةِ والأنشطةِ الاقتصاديةِ الرئيسية، وبالتالي فقد زادَ من التغيّبِ عن العملِ حيث أن تكلفةَ النقلِ الشهريةَ قد تشكّلُ أكثرَ من نصفِ الراتبِ الشهريّ. وبالمِثلِ، توقّفَ عددٌ كبيرٌ من طلّابِ الجامعاتِ والثانوياتِ الذين يعيشون في المناطقِ الريفيةِ عن الذهابِ إلى أماكنِ الدراسةِ بسببِ رسومِ النقلِ المرتفعة.
توقّفَ العديدُ من صغارِ المزارعين والصناعيين الصغارِ والمتوسّطين عن الإنتاجِ، لأنهم غيرُ قادرين على التعاملِ مع ارتفاعِ أسعارِ المشتقّاتِ النفطيةِ والكهرباء. وأثر ارتفاعَ سعرِ الكهرباءِ، إلى جانبِ نقصِها أو غيابِها، على السكّانِ وقطاعاتِ الاقتصادِ المختلفة. ويتسبّبُ الارتفاعُ المستمرُّ في تكلفةِ الكهرباءِ في صعوباتٍ بالغةٍ لقطاعاتٍ كبيرةٍ من القطاعاتِ الصناعيةِ الزراعيةِ والتصنيعيةِ –وخاصّةً الجهاتِ الصغيرةَ والمتوسطةَ– بزيادةِ فاتورةِ الطاقةِ بشكلٍ كبير. وهذا يقلِّلُ كثيراً من قدرةِ قطاعَي الزراعةِ والصناعةِ على المنافسةِ، ويزيدُ من عدمِ المساواةِ بين الجهاتِ الأصغرِ والجهاتِ الأكبرِ داخل هذَيْن القطاعَيْن اللذَيْن سيكونان قادرَيْن على تحمّلِ تلك الأسعارِ المرتفعةِ وبالتالي استدامةِ أنشطتِهم الاقتصادية. وسوف تكونُ المؤسّساتُ الصغيرةُ والمتوسطةُ الحجمِ عُرضةً لمخاطرَ كبيرةٍ ربما تُهدِّدُ حتّى بوقفِ عملياتِها في المستقبل.
وفي حالةِ الأردن، شرعَت الحكومةُ في عامِ 2018 استجابةً لمَطالبِ صندوقِ النقدِ الدوليِّ بتقديمِ 241 مليون دولارٍ أمريكيٍّ على هيئةِ مساعداتٍ نقديةٍ بالبطاقاتِ الإلكترونيةِ إلى 6.2 مليون أردنيٍّ ولاجئٍ فلسطينيّ. وكان الهدفُ معالَجةَ السوقِ السوداءِ للدقيقِ المدعوم. ومع ذلك، أدّى القرارُ إلى مضاعفةِ أسعارِ الخبزِ، وانخفضَ الاستهلاكُ بنسبةِ 50 بالمئة. وفي النهاية، اضطُرَّت الحكومةُ إلى مواصلةِ دعمِ الدقيق. وفوق ذلك، وفقاً لتقريرٍ صادرٍ عن هيومن رايتس ووتش، فإنّ برامجَ التحويلاتِ النقديةِ التي تختارُ المستفيدين بمحاولةِ تقديرِ دخلِهم ورفاهتِهم والمعروفةِ بِاسمِ استهدافِ الفقرِ "جذبَت انتقاداتٍ شديدةً بسببِ تقويضِه لحقوقِ الضمانِ الاجتماعيِّ، وخاصّةً في أعقابِ الأزمةِ الاقتصاديّةِ التي تسبّبَت فيها الجائحةُ الناتجةُ عن فيروسِ كورونا. برامجُ استهدافِ الفقرِ عرضةٌ للخطأِ وسوءِ الإدارةِ والفسادِ، وهي دائماً عاجزةٌ عن الوصولِ إلى الكثيرِ من الناسِ الذين تسعَى إلى شُمولِهم".
وبالإضافةِ إلى هذه المبرِّراتِ لِلاستعاضةِ عن نظامِ الدعمِ بالتحويلِ النقديِّ، زعمَت المؤسّساتُ النقديةُ الدوليةُ أنّ التوزيعَ النقديَّ يزيدُ من حرّيةِ الأفرادِ في الاستهلاكِ بالطريقةِ التي يريدونَها. وعطفاً على الأسبابِ المذكورةِ آنفاً، أدلى وزراء ومسؤولون سوريون بتصريحاتٍ مماثلةٍ مؤخّراً لدعمِ إصلاحاتِ نظامِ الدعم. وتَستنِدُ هذه الحُجّةُ إلى منطقٍ يدعمُ الاستهلاكَ وافتراضَ الإنسانِ الاقتصاديِّ، حيث تُفهَمُ حرّيةُ الاختيارِ قدرةً على الاستهلاكِ وفقاً للتفضيلاتِ الفردية. وبالتالي فإنّ نظامَ التوزيعِ النقديِّ هذا يُحوِّلُ الأفرادَ المحتاجين أو في الأزماتِ إلى مستهلِكين لديهم الوسائلُ لشراءِ السلعِ والخِدماتِ التي يريدونَها أكثرَ من أيِّ شيءٍ آخَرَ، ممّا يمكِّنُهم من اكتسابِ المزيدِ من السيطرةِ على حياتِهم. وبالإضافةِ إلى ذلك، يشارِكُ هذا النظامُ في تعزيزِ "آليّات السوق"؛ وآليّاتُه راسخةٌ في رؤيةٍ اقتصاديةٍ محدّدةٍ تدعمُ تطويرَ السوقِ بدلاً من إعطاءِ الأولويةِ للتدابيرِ الفعّالةِ للحدِّ من الفقر.
وفي هذا السياق، فإن الرفعَ التدريجيَّ للدعمِ، وإنهاءَ ضوابطِ الأسعارِ، والتحوّلَ نحو برنامجِ التحويلاتِ النقديةِ، لا يتعلّقُ فقط بتوفيرِ المالِ العامِّ للدولةِ، أو تحسينِ ما يسمَّى "كفاءة" سياسةِ الدعمِ أو توفيرَ المزيدِ من "الحرّية" للمواطنين، خاصّةً وأنّ أيَّ تعويضٍ اجتماعيٍّ واقتصاديٍّ لا يأخذُ في الاعتبارِ العواقبَ البنيويةَ على الاقتصادِ والمجتمع. إنّ التدابيرَ التي تزيدُ الرواتبَ رمزياً أو تَمنحُ مكافآتٍ في مناسباتٍ محدّدةٍ لا تعوِّضُ عن ارتفاعِ تكاليفِ المعيشةِ وفقدانِ القدرةِ الشرائيةِ.
لا ينبغي النظرُ إلى الخطاباتِ والسياساتِ الرسميةِ السوريةِ على أنها حلولٌ تقنيّةٌ فنيّةٌ بحتة. فهذه السياساتُ ليست موجَّهةً مِن خبراءَ تقنيّين يَسعَون لتحسينِ كفاءةِ النظامِ أو الإدارةِ بناءً على معاييرَ علميةٍ أو اقتصاديةٍ، بل يمكنُ أن تكونَ مؤشّراتٍ على توجّهاتٍ أوسعَ للاقتصادِ السوريِّ، بما في ذلك تعزيزُ نفوذِ النظامِ وتأثيرِه في مختلفِ القطاعات. يأتي ذلك في ظلِّ سعيِ الحكومةِ لتنفيذِ تدابيرَ تقشّفيةٍ قد تؤدّي إلى تقليصِ المسؤوليّاتِ الاجتماعيةِ للدولة. ومع ذلك، يبقى التساؤلُ عن مَدى تحقيقِ هذه السياساتِ لأهدافِ "العدالة الاجتماعية" وتحسينِ ظروفِ المعيشةِ للسوريّين، خاصّةً في ظلِّ التحدّياتِ الاقتصاديةِ الكبيرةِ التي تواجهُها البلاد.