نجيب، حياة الماعز وموت الحلم الهندي في الخليج

الرواية التي استند إليها فيلم حياة الماعز هي أول عمل هندي يهدم الصورة البراقة للخليج في جنوب البلاد

Share
نجيب، حياة الماعز وموت الحلم الهندي في الخليج
مشهد من فيلم حياة الماعز

نشَر الكاتبُ بينّي دانيِل، المعروفُ بِاسمِ بنيامين، روايةَ "آدوجيفيتام" (حياة الماعز) بِلُغَةِ المالايالام سنةَ 2008. حينئذٍ حطّمَت الروايةُ صورةَ "الحُلم الخليجي" الذي راودَ كثيرين في جنوبِ الهِند. بدأ أبناءُ ولايةِ كيرالا جنوبَ الهند يهاجرون أفواجاً إلى الخليجِ العربي مطلع السبعينيات بحثاً عن عمل. وأصبحَ تعبيرُ "رجال الخليج" يرتبطُ بأبناءِ الولايةِ الذين خبِروا العيشَ في الخليجِ وجمعوا ثروةً هناك، حيثُ الفردوسُ الذي يحقّقُ فيه الناسُ طموحاتِهم الماليّة. ظلَّت صورةُ الخليجِ هذه على ما هي عليه حتى حطّمَتْها روايةُ "حياة الماعز". يحكي بنيامينُ قصّةَ نجيب محمد، وهو عاملٌ هاجرَ من كيرالا إلى السعودية مطلعَ التسعينيات بحثاً عن جنّةٍ خضراءَ ليجدَ نفسَه يعيشُ حياةَ العبيدِ ويرعَى الماعزَ وسطَ الصحراء. جعلَت الروايةُ من كاتبِها أوّلَ كاتبٍ يناقشُ ما يُبتَلى به العمّالُ المهاجرون في الخليج في الأدب المالايالامي، أدبِ اللغةِ التي يكتبُ بها بنيامين. 

اشتهرتْ قصّةُ نجاةِ نجيب محمد بين ليلةٍ وضُحاها، وصارتْ في قائمةِ الكتبِ الأكثرِ مبيعاً. وطُبِعَ من النسخةِ المالايالاميّة أكثرُ من مئةِ طبعةٍ وتُرجِمت إلى لغاتٍ عدّةٍ، منها العربية والإنجليزية والنيبالية ولغاتٌ هنديّةٌ أُخرى. ربحَ بنيامين عقبَ نشرِ الروايةِ جائزةَ أكاديميةِ كيرالا للأدبِ سنة 2009. أمّا الترجمة الإنجليزية للرواية فقد رُشِّحَت للفوزِ بجائزة "ذا مان" للأدبِ الآسيوي سنة 2012، وجائزة "دي إس سي" لأدب جنوب آسيا سنة 2013، والجائزتَانِ من أهمِّ الجوائز الأدبية في آسيا. 

هاجرَ بنيامين نفسُه من قرية "كولاندا" بولايةِ كيرالا إلى البحرينِ، فعملَ فيها مهندساً ما يزيدُ عن عقديْن. وبدأ مسيرةَ الكتابةَ هناك: "كنتُ أعملُ ثمانِ ساعاتٍ وأجدُ نفسي متفرغاً ما تبقى من اليوم، ولهذا بدأتُ أقرأ. واستمرّ هذا الحالُ سبعَ أو ثمانِ سنوات. وكنتُ أُرسِلُ رسائلَ لأصدقائي. وهكذا أصبحتُ مرتبطاً بالكتابة". تحدّثَ بنيامين عن تلكِ الأيامِ في حوارٍ صحفيٍ له مع صحيفةِ "إنديان إكسبرس" الهنديّة سنة 2018 بعد فوزِه بجائزة "جي سي بي" للأدب عن روايته "أيام الياسمين"، وهي رواية مقتبسةٌ من ثورة الياسمين في تونس سنة 2011. وفي حديثه عن "أيام الماعز" أخبرَ الكاتبُ الصحيفة قائلاً: "كانت تجربةَ مهاجرٍ هنديٍّ التقيتُ به صدفةً. وقرّرتُ أن أكتبَ ما حدثَ له لأنّ كثيرينَ منّا يحلمون فقط بالثرواتِ التي سيجنونَها من بلدان الخليج، ولكنْ، هناكَ جانبٌ آخرٌ من هذا الحُلم، وهو معاناة كثيرين. هنالك القصص السعيدة والقصص الحزينة أيضاً". 

ومع إنجازاتِ الكاتبِ ظلَّت الروايةُ محصورةً بين أهلِ الأدبِ والثقافةِ حتى حوّلَها المخرجُ الشهيرُ بليسّي إيبِي توماس، المعروفُ اختصاراً بِاسمِ بليسّي، إلى فيلمٍ عنوانُه "آدوجيفيتام" (حياة الماعز). وأدّى الفنّانُ الشهير بريثفيراج سوكوماران دورَ بطلِ الرواية نجيب. وصارَ الفيلمُ المنتظَر من أكثرِ الأفلامِ مشاهدةً في السينما المالايالامية عندَ صدورِه شهر مارس 2024. وفازَ الفيلم مؤخّراً بجائزةِ أفضلِ مخرجٍ، وأفضلِ نصٍّ مقتبسٍ من كتابٍ، وأفضلِ ممثّلٍ، في حفلِ جوائز ولاية كيرالا للأفلام، وهي الأهمّ في السينما المالايالامية.

وبينما كانَ فريقُ الفِيلم منتشياً بالنّصر، استعرَ الجدلُ في الفيلمِ داخلَ الخليج، حيثُ جرَت أحداثُه. وانتُقِدَ الممثّلُ العمانيُّ طالب البلوشي وهوجِمَ لتمثيلِه دورَ الكفيلِ الذي حبسَ المهاجرَ الهندي في ظروفٍ وحشيّةٍ وعذّبَه. اعتقد كثيرون في المملكة العربية السعودية أنّ الفيلم أساءَ إلى سمعةِ البلدِ وصوّرَ العربَ بصورٍ نمطيةٍ، فأظهرَهم شعوباً همجية. وراجت شائعاتٌ في الإعلامِ عن منعِ طالب البلوشي من دخول المملكة. وأشاع كثيرون أنّ إحدى دول الخليج أو الدول العربية دعمت الفيلم مالياً للحطِّ من شأنِ السعودية. وصار اسم الفيلم متداوَلاً في وسائل التواصل الاجتماعي بأوسامٍ تطالبُ بطردِ العمالةِ الهندوسيّةِ وتدافعُ عن السعودية مثل "السعودية خط أحمر" و"فيلم حياة الماعز لا يمثّلنا". لذا أصدرَ المخرج بليسّي بياناً على منصّةِ إكس (تويتر سابقاً) قالَ فيه: "حاولَ الفيلمُ إظهارَ نُبلِ النفسِ البشرية في قلبِ رجلٍ قاسٍ … حاولتُ قدرَ إمكاني تبيانَ هذا خلال الفيلم ولم أنوِ النَيلَ من أي إنسانٍ أو شعبٍ أو بلدٍ". وأضافَ المخرجُ بأنّه حاول "إظهارَ تعاطفِ ونُبلِ العربِ من خلالِ شخصيةِ السيّد الأصيل الذي أنقذَ نجيب، وعمّال المطعم، والنّاس في مركزِ الحجزِ والمسؤولينَ وهؤلاء كُلّهم عبروا عن أصالتهم وتعاطفهم وشفقتهم [على محمد]". وأنكَر بليسّي الشائعات عن داعمي الفيلم؛ إذ قالَ بأنّه كتبَه وأخرجَه وأنتَجه بشركة "فيجوال رومانس" التي "أرأسُها وأملكُها وحدي"، مضيفاً أنّه لم يكن هناك أي "شخصٍ أو شركةٍ مرتبطةٍ، بأي شكلٍ، في إنتاج الفيلم". 

وصرّح طالب البلوشي لمجلّةِ الفِراتْس أنّه لم يندم على مشاركتِه في الفيلم. إذ قالَ بأنّه وجدَ نصَّه احترافياً وتوافقَ مع تطلّعاته في تجريبِ شخصياتٍ مختلفة. وقالَ بأنّ هذه المرّة لم تكن الأولى التي أدّى فيها دوراً مشابهاً، وأنّه مثَّل شخصياتٍ "أعنَفَ" في المسلسلات العمانية. وقالَ إنه توقع ردّة الفعل هذه، لكنه اعتمد على جودة النصِ، إذ إنّه يصوِّرُ الحالةَ على أنّها فردية. ويرى طالب أن ردودَ الفعل المسيئةَ يشنّها "الذباب الإلكتروني" لإشعال الفتنة بين دول الخليج.

واعتذر الممثل الأردني عاكف نجم، الذي أدّى دورَ الرجلِ الذي أنقذَ نجيب محمد، في بيانٍ له على وسائل التواصل الاجتماعي للشعب السعودي. وقالَ إنّه قرأ حواراتِ شخصيته ودورَه فقط عندما وافقَ على التمثيلِ في الفيلم، وقد اعتقدَ أنّ ذلك الدور يصوّر السعوديين بصورةٍ طيّبة. إذ قال: "شُرح لي عن الفيلم وبطله بأنه يتوه في الصحراء أياماً عدّةً ليصلَ حدَّ الموت، ثمّ ينقذُه رجلٌ سعوديٌّ شهمٌ هو أنا، وهذا ما دفعَني للموافقةِ على أداءِ الدورِ لكونِه يعكس شهامةَ السعوديِّ وإنسانيتَه، لأُفاجَأَ حينما رأيتُ الفيلمَ كغيري بأنه يقدم بالإضافة لشخصيتي المثالية بعضَ النماذج السعودية السلبية. وبصدقٍ وتحت أيِّ ظرفٍ لم أكن لأشارك فيه لو أنني عرفتُ كاملَ تفاصيله".

وصرّحَ مصدرٌ عمانيٌ، لم يشأ أن يفصحَ عن اسمِه، لمجلّةِ الفِراتْس أنّ "الجهات العليا" أمرَت العاملين في مركز التواصل الحكومي في سلطنةِ عمانِ، التابع لوزارة الإعلام، في مساءِ الخامس والعشرين من أغسطس 2024 بتوجيهِ جميعِ وسائلِ الإعلامِ الخاصةِ والحساباتِ الإخباريةِ الخاصةِ على منصاتِ التواصلِ الاجتماعيِ بعدمِ الحديثِ عن موضوعِ الفيلمِ والرواية. 

أثارَ الفيلمُ جدلاً في الإعلامِ العمانيِّ، وانقسمَ العمانيون بين مؤيّدٍ ومعارضٍ لطالب البلوشي. نشرَ الكاتبُ العمانيُّ سليمان المعمري مقالاً في جريدةِ عُمان، التابعةِ لوزارة الإعلام، عبّرَ عن تعاطفِه فيه مع الممثّلِ، وشكّكَ في النقدِ "الذي لا يوجَّه للعمل الفنّيِّ والأداءِ فيه". وقد أخبَر سليمان المعمّري مجلةَ الفِراتْس أنّه لم يواجِه في مسيرتِه كلِّها الشتائمَ التي واجهَتْه بعد نشرِه المقالَ على منصّةِ إكس.  وصرّحَ بدر العبري، عضو مجلس إدارة النادي الثقافي بسلطنة عُمان، بأنّ حملةَ الانتقاداتِ لا تستهدفُ طالب البلوشي فقط، بل عُمانَ كلَّها. فقد نشرَ في جريدةِ عُمان قائلاً "مع أنّ العمانيين غالبُهم لم يدرِكوا الرّوايةَ سلفاً، ولا الفيلمَ لاحقاً، ولولا هذا الضّجيجُ لن يلتفتوا إليه بالصورةِ الكبيرةِ، فكيف يترك هذا كلّه كتابة ودعماً وإنتاجاً وإخراجاً وتصويراً، ويجعل الضّجيج على عُمان، هذا لا يفسَّرُ إلّا بحالاتٍ على رأسِها أن هناك من يحاولُ خلقَ صراعٍ وهميٍّ بين دولِ الخليج". 

أمّا الناقدُ والأكاديميُّ السعوديُّ عبد الله الغذامي، فقد قالَ في حوارٍ له على قناةِ العربية بأنّه لَم يشاهِد الفيلم. ولكنّه أشارَ إلى أنّ الظاهرةَ التي يتحدّثُ عنها موجودةٌ في كلِّ المجتمعات، فلا وجودَ لمجتمعٍ "طاهر". ويرى الغذامي بأنّ ردّةَ فعلِ السعوديين مشروعةٌ وتعكسُ غيرةَ النّاسِ على وطنِهم. وعبّرَ الداعيةُ الإسلاميُّ عائض القرني عن استيائِه من الفيلم. وأضافَ أنّه يكفي السعوديةَ أنها "تستضيف الحُجّاجَ المسلمين، وتخدمُهم، وأن كرمَ السعوديين تجاه الوافدين معروف".  ووَصَفَ صنّاعَ الفيلمِ بالحُسّادِ، وقال: "تعيشُ السعوديةُ العظمى وستبقى السعوديةُ على القمّةِ ولا عزاءَ للماكرين".

تتكاثرُ الشكوكُ في صحّةِ قصّةِ فيلمٍ ما عندما يصبحُ الفيلمَ مثارَ جدلٍ في وسائلِ التواصلِ الاجتماعي. واجهَ بنيامين الشكوكَ نفسَها في قصةِ "حياة الماعز" من قَبل. إذ اتُّهِمَ بالسرقةِ الأدبيةِ بعد أن نُشِرت الروايةُ، وهي تُهَمٌ نفاها. وطالت الاتهاماتُ تغييرَه جزءاً من القصة في بعضِ مواضعِ الرواية، لا سيّما وأنّها مقتبسةٍ من قصةٍ حقيقيّة. وفي السعوديّة، اتَّهمَ الكاتبُ عبد الرحمن الدعيلج صنّاعَ الفيلمِ بتلفيقِ أحداثٍ كثيرة. وقالَ بأنّه يعرفُ القصّةَ الحقيقيةَ، إذ كان الناسُ يتداولونَها في اجتماعاتِهم وحكاياتِهم بدايةَ التسعينيات. ومع أنّ أسماءَ الأماكنِ غيرُ مذكورةٍ في الرواية والفيلم، إلّا أنّ الدعيلج ادّعَى أنّ القصّةَ حدثَت قبل ثلاثين عاماً في منطقةِ حفر الباطن، إحدى محافظاتِ المنطقةِ الشرقيةِ في السعودية. وقالَ الدعيلج بأنّ العاملَ اشتغلَ مع كفيلِه خمسَ سنوات. ويوضحُ الكاتبُ السعوديُّ بأنّه، ووفقاً للروايةِ المتداوَلةِ، طالبَ العاملُ بأجرِه بعد سنواتٍ من العملِ بالسُّخْرَة. ولكنّ الكفيلَ أَبَى أن يدفعَ له أو يسمحَ له بالعودةِ إلى الهند أو أن يقتربَ من أقربِ طريقٍ معبَّدةٍ، خشيةَ هروبِه. فضَرَبَ العاملُ كفيلَه بقطعةِ حديدٍ أَرْدَتْه قتيلاً وهَرَب. وأصبحَتْ قصّةُ جريمةِ القتلِ حديثَ المنطقة. وتعاطفَ الناسُ مع العاملِ الذي حبسَتْه السلطات. وجمعَ الناسُ من التبرّعاتِ مبلغَ مئةٍ وسبعين ألفَ ريالٍ سعوديٍّ لتكونَ دِيةً يفتدونه بها عند أهلِ الميّتِ، والتَمَسوا منهم الصفحَ عن العاملِ الهندي. ورفضَ أبناءُ الكفيلِ مبلغَ الدِيةِ بعد أن علموا بأنّ أباهم أخطأ في حقِّ العامل وأساء معاملتَه، وتنازلوا عن حقِّهم في دمِ أبيهم، وطلبوا أن يُعطَى العاملُ المبلغَ كلَّه أجرَ سنواتِ تعبِه وكدِّه. ولهذهِ القصّةِ الشعبيةِ نهايةٌ سعيدةٌ، فقد أَشهرَ العاملُ الهنديُّ إسلامَه بعد أن حَرَّكَه تعاطفُ الناسِ وأبناءِ الكفيلِ معه. وجريمةُ القتلِ تلك غيرُ موجودةٍ في الكتابِ والفيلم. ويرى الدعيلج بأنّ الفيلمَ يُظهِرُ السعوديّين همجيّين، ويرادُ بهِ الإساءةُ لهم ولبلدِهم.


شكَّكَ النّاسُ في الهندِ أيضاً في شخصياتِ الرواية. لم يُعْرَف الرجلُ المَعنيُّ بشخصيةِ نجيب محمد التي ألهمَت بنيامين لكتابةِ الرواية، حتى سنة 2018. إلا أن الاهتمامَ بشخصيةِ الرجلِ زادَ بعد أن ظهرَ في أكثرَ من مقابلةٍ وهو يحكي ما حَدَثَ له.  شرحَ الرجلُ كيف باعَ أرضَه وكلَّ ما يملكُ من أجل الحصول على التأشيرةِ، وكيف أخبرَه وكيلُه أنّه سيعملُ بائعاً في سوقٍ، وقال بأنّ زوجتَه كانت حُبلَى في الشهرِ الثامن. وفي حوارٍ له مع صحيفةِ "ذا نيوز مينيت" سنةَ 2018 قالَ: "كانت الرحلةُ شاقّةً، فقد غادرتُ المطارَ ووصلتُ بعد ذلك بيومين. ومنذ ذلك الحين، أحسستُ بأنني في فخٍّ". وأضافَ محمد بأنّه كانَ عليه رعايةُ سبعمئةِ رأسِ ماعزٍ يملكُها كفيلُه الذي كان يراقبه بمنظارٍ ليتأكّدَ أنّه لن يَهرب. وأضافَ محمد "لَم يُبدِ الكفيلُ أسفاً على شيء. وكان يضربُني حتى عندما يراني أبكي. كنتُ آكلُ خبزاً بالياً. وكنتُ أغمسُ الخبزَ في حليبِ الماعزِ وآكلُه". وادّعى محمد بأنّ كفيلَه لم يسمح له بالغسيلِ أو بالاستحمامِ، وكان يرتدي رداءً بسيطاً لا يبدِّلُه.

قال محمد بأنّه استغلَّ فرصةَ حضورِ كفيلِه حفلَ عرسٍ عائليٍ ليَهربَ، وأنّه لَم يَلتفِت وراءَه مِن ساعتِها. وقال بأنّ رجلاً عربياً ساعدَه بنقلهِ إلى الرياض. وطَلَبَ بعد ذلك مساعدةَ الجاليةِ الهنديةِ هناك وسَلَّمَ نفسَه للقضاءِ السعوديّ. عادَ محمد إلى العملِ بأجرٍ يوميٍّ في الهند، ولكنّه رَجَعَ بعد سنتَيْن إلى الخليجِ بعدما استخرجَ له نسيبُه تأشيرةً لدخولِ البحرين. لَم يُضمِّنُ الفيلمُ هذا الجزءَ من حياةِ محمد. وهذا يؤكّدُه بليسّي الذي قالَ إنّه اقتبسَ ثلاثاً وأربعين صفحةً من الرواية فحسب. ومع أنّ الفيلمَ اشتُهِرَ ويُقدِّرُه النقّادُ في كيرالا، إلّا أنّ السعوديّين يعتقدون أنّه لا يصوِّرُ إلا القليلَ من مجتمعِهم في التسعينيات. ويتشارك معهم الكيراليّون نظرةَ نفسَها للفيلم، لا سيّما أنّ الولايةَ أصبحَت ثريّةً بسبب مهاجِرِيها في الخليج. ومع ذلك، فإنّ الفيلمَ أثارَ مخيّلةَ كثيرين هناك، لأنّه قصَّ قصّةً مسكوتاً عنها في تاريخِ الهجرةِ الطويلِ إلى الخليجِ البرّاق.

اشترك في نشرتنا البريدية