وجدت الشركة التي تُعَدّ ضمن أكبر مصدّري البرتقال في العالم ضالَّتَها في تلك الشهادات الرخيصة نسبيّاً، بدلاً من أن تدفع ضريبةَ حدودِ الكربون التي تصل قيمتُها في حالِ تصديرِ منتجاتِها إلى دول الاتحاد الأوروبيّ بين سبعين وثمانين يورو مقابل كلِّ طنِّ انبعاثات كربونية. دفعت دالتكس تقريباً ربعَ المبلغِ فقط للشركة الهندية التي مَنَحَتها في المقابل شهادةً عن كلِّ طنِّ انبعاثاتٍ، متعهِّدةً فيها بالاستمرار في أنشطتها الزراعية التي تضخّ الأكسجينَ وتمتصّ ثانيَ أكسيد الكربون لمدّة سنة.
الصفقةُ الرابحةُ لشركتَي القطاع الخاصّ في البلدَيْن تدعو للتساؤل حول الجدوى الاقتصادية والبيئية للسوق الجديدة التي أطلقتها مصر، وهي دولةٌ قليلةُ الانبعاثاتِ الغازيّة. فنَصيبُها لا يتخطّى نسبةَ 0.6 بالمئة من مجمَلِ الانبعاثات الكربونية في العالَم، في منطقةٍ بها دولٌ أعلى تلويثاً للمناخ وإنتاجاً للانبعاثات الكربونية مثل السعودية والإمارات المسؤولتَيْن معاً عن أكثر من 2 بالمئة من مجمَلِ الانبعاثات الكربونية في العالم.
أسواقُ تجارة الكربون هي الوافدُ الجديد للقطاع المسمَّى "التمويل الأخضر" في منطقة الشرق الأوسط. وقد تأسّسَت لتكون وسيلةً لحشد التمويل اللازم لمواجهة الآثار السلبية للتغيّر المناخي، بعد فشلِ آليّةِ التعويضات التي تتعهّد الدول الصناعية الكبرى في الشمال (وعلى رأسها دول أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية) بدفعِها لدول الجنوب (الدول النامية). فالأُولى هي المسؤولةُ عن الكمِّ الأكبرِ من الملوِّثات التي تُضَخُّ في الهواء، فيما تحمل الثانيةُ العبءَ الصحّيَّ والمناخيَّ الأكبرَ الناجمَ عن ذلك التلوّث.
لخفضِ ترتيبِها في المسؤولية عن الانبعاثات الكربونية، اختارت دولُ الخليج نموذجَ أسواق الكربون الطوعية، والتي تلجأ إليها الدولُ الكبرى الأكثرُ تلويثاً للبيئة وتحبّذها شركاتُ الوقود الأحفوري، مع أنها أقلّ مصداقيةً وفائدةً للبيئة. تشجّع تلك الأسواقُ على الاتّجار في شهاداتٍ لا تستند إلى مشروعاتٍ محدّدةٍ يمكن للجهات المناخية المستقلّة أن تتحقّق منها ولا تنجز خفضاً حقيقياً في انبعاثات الكربون، ما يجعلها أقرب لغسيلِ السُمعةِ أو "صكوك غفران" بيئيّ لا تقدِّم حلولاً واقعيةً للحفاظ على البيئة.
وعلى تَمَوْضِع مصر ضمن فئةٍ مختلفةٍ تماماً عن الدول الخليجية، الأكثرِ غنىً وتلويثاً للكوكب، إلّا أنها حَذَتْ حَذْوَها بدلاً من البحث عن حلولٍ أكثرَ فاعليةً للتأقلم مع الآثار السلبية للتغيّر المناخي، ووجدت في شهادات الكربون وسيلةً للاستجابة لمطالب مؤسّسات التمويل الدولية بتوفير التمويل المناخي الرخيص، خصوصاً في ظلّ ما تعانيه من ديونٍ داخليةٍ وخارجية.
وبحسب تقريرٍ صادرٍ عن منظمة أوكسفام، وهي منظمةٌ خيريةٌ بريطانيةٌ تسعى لتخفيف حدّة الفقر في العالم، كانت الدولُ الغنيّة قادرةً على حشدِ ثلاثةٍ وثمانين مليار دولارٍ فقط سنة 2020 وهي السَنةُ الأُولى التي يقترب فيها الرقمُ من الهدف المعلَن. غيرَ أنّ 92 بالمئة من هذه الأموال قُدّمت للدول النامية في شكلِ قروضٍ من الحكومات والقطاع الخاصّ، تُلزَم الدول النامية بأن تعيدَ تسديدَها. وكثير من تلك القروض كان بمعدّلات الفائدة السائدة على الدولار، أيْ أنها لا تعدو أن تكون سوى قروضٍ تجاريةٍ أُخرى لدولٍ مثقَلةٍ بالأساس بالديون، تعود بالربح على الدول المتسبّبة في أزمات تلك الدول ذات الاقتصاد والمناخ الهشَّيْن.
وفي مواجهةِ فشلِ آليّةِ التعويضات المناخية في حشدِ التمويل اللازمِ طوال العقد الماضي لمواجهة الآثار السلبية للتغيّر المناخي، كان البديل هو حلول السوق وفي قَلبِها أسواقُ تعويض الكربون. ولنَضربْ مثالاً حالة الفلاحين الفقراء في الهند لتتّضح جدوى تلك الحلول وعدالتها. إذ يتعايش هؤلاء الفلاحون وكُثرٌ مثلهم في دولٍ أُخرى مع مشكلةٍ لم يَنتبِه إليها العالَمُ إلّا منذ حوالي عقدٍ مضى. ليست تلك المشكلةُ هي الفقر وغياب التنمية، ولا أنّ متوسّط دخل كلٍّ منهم يَقِلُّ عن خمسة دولاراتٍ في اليوم، أيْ نحو ثلثِ الحدّ الأدنى لأجر ساعة العمل في دولٍ مثل الولايات المتحدة وكندا. إنّما المشكلة أنهم يسهمون في الاحتباس الحراري، إذ يَستخدِم هؤلاء السكانُ الأفرانَ التقليديةَ التي تعتمد على حرقِ الأخشابِ والمخلّفات الزراعية. كانت تلك الأفرانُ تنتشر في مصر قبل سنواتٍ وتسمّى "الكانون"، وتنتج كمّياتٍ هائلةً من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الأخشاب والمخلّفات الزراعية خلال طهو الطعام والتدفئة. قَدّرت هيئةُ المعونة الأمريكية سنة 2015 أن تلك الأفران البدائية في الهند والعالم تسهم بنحو 25 بالمئة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الكوكب. وإبّان العقد الماضي مَوّلَ البنك الدولي وهيئة المعونة الأمريكية وكثيرٌ من المانحين حول العالم برامجَ لتقليل الانبعاثات في كثيرٍ من الدول وبينها الهند. ومن ضمن هذه البرامج واحدٌ لإنشاءِ أفرانٍ معدنيةٍ قليلةِ التسريب ما يؤدّي إلى خفض الانبعاثات.
الحلُّ الذي لجأت إليه الدولُ المانحة هو الحلُّ الأقلّ تكلفةً وليس الأكثر فائدةً عند هؤلاء الفلاحين. فالحلُّ العملي البسيط الذي طُرح على المانحين كان إنشاء أفرانٍ تقليديةٍ من الطين أو الحجارة تعمل باستخدام طاقةٍ نظيفةٍ كالغاز الطبيعي، لرفع الناتج الحراري وإفادة هؤلاء الفلاحين من جانبٍ وتقليل الانبعاثات من جانبٍ آخَر. لكن الرأسمالية تمنع معاندةُ السوق، فلَمْ تتحمّلْ دولُ الشمال والمانحون مدَّ شبكات الطاقة النظيفة لدول الجنوب الفقيرة والاستثمارَ في البنية التحتية بها تعويضاً عن مسؤوليتها الكبرى في تلويث الكوكب خلال القرنين الماضيَيْن، أيْ منذ بدأت الثورة الصناعية. وبدلاً من ذلك، اكتفى البنكُ الدوليُّ وغيرُه من المانحين بمشروعِ توزيع أفران الحديد الزَهْر على الفلاحين في الهند مجاناً، أو بثمنٍ بسيطٍ مقابل احتساب ما وُفِّرَ مِن انبعاثاتٍ غازيّةٍ بعد استخدام الفلاحين الأفرانَ الجديدةَ. كذلك استَصدَرَ البنكُ الدوليُّ شهادةً بكلِّ طنٍّ لَم ينبعثْ من ثاني أكسيد الكربون لبيعِها لشركةٍ أُخرى في الشمال تضخّ الطنَّ الذي وُفِّرَ من ثاني أكيد الكربون. ثمّ تأتي شركةُ وقودٍ أُحفوريٍّ أمريكيةً تريدُ أن تستمرّ في التنقيب عن الغاز الصخري –عالي التكلفة مرتفع التلويث– فتشتري الشهادةَ من المُزارع الهنديّ لكَي تقلِّلَ بمعادلةٍ حسابيةٍ غير حقيقيةٍ من الانبعاثات المحسوبة عليها، ويصبحَ المزارعُ الهنديُّ الذي يستخدم الأفران هو من يساهم في تلويث الكوكب.
فُعِّلَت فكرةُ أسواق الكربون بعد قرارِ 159 دولةً مشارِكةً في قمّة المناخ الثالثة في اليابان سنة 1997 اعتمادَ بروتوكول كيوتو، وهو اتفاقيةٌ دوليةٌ ملحقةٌ باتفاقيةِ الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي. دخلت اتفاقيةُ كيوتو حيّزَ التنفيذ سنة 2005، وسَمَحَت للدول الصناعية بأن تَستثمِرَ في تقليل الانبعاثات في الدول النامية وتحصلَ في المقابل على أرصدةِ كربون. فإذا مَوَّلَت ألمانيا مشروعاً للطاقة المتجدّدة في مصر مثلاً، فمِن حقِّها أن تحصل في المقابل على شهادةٍ عن كلِّ طنٍّ من ثاني أكسيد الكربون كان لينبعثَ لو وَلَّدَت المحطّةُ المنشأةُ القدرَ نفسَه من الطاقةِ مستخدِمةً وقوداً أُحفورياً. وتُحسَب تلك الشهادات رصيداً يخوِّلُها إنشاءَ مشروعِ وقودٍ أحفوريٍ في دولةٍ أخرى. كذلك على مستوى الشركات، كانت الفكرةُ في البداية وضعَ حدٍّ لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة المسبِّبة للاحتباس الحراريّ الناجمة عن الاستثمارات المُلوِّثة مثل الميثان. وشملت الفكرةُ توزيعَ رخصٍ تحدّد الحدَّ المسموح من الانبعاثات لكلّ شركةٍ حسب حجمها، ومن ثمّ فرض ضريبةٍ على الشركات التي تتجاوز هذا السقف.
لكن وبما أن الأفراد والشركات لا يحبون الضرائب، فقد ظهرت آليّتان إضافيتان لعمل أسواق الحدّ من الكربون. الأُولى تُسمَّى الخفض والتجارة وهي التي تعمل وفقَها شهادات الكربون. تركّز تلك الأسواق على القطاعاتِ كثيفةِ استهلاكِ الطاقة، وتَحضُر الحكوماتُ في تنظيم هذه الأسواق بتحديد سقفٍ أو حدٍّ أقصى لإجماليّ الانبعاثات المسموح بها في قطاعٍ معيَّن، وتُوزِّع تصاريحَ الانبعاثات على الشركات. وللشركة أن تستخدمَ تلك التصاريحَ أو أن تبيعَ ما تُوفِّرُه منها في السوق، أيْ أنّ كلَّ تصريحٍ بأطنانِ الكربون لا تستخدمُها الشركةُ يمكن أن تحوّلها إلى مصدرٍ للدخل ببَيعِها. تتميّز هذه الأسواقُ بأنّها تخلق الحافزَ للشركات للابتكار لتقليل الانبعاثات. وإذا كانت أسعارُ التصاريحِ (شهادات الكربون) مرتفعةً بما يكفي فذلك يَخلقُ الحافزَ جيّداً. وتُسمّى الأسواقُ التي تتبع آليّةَ الخفض والتجارة بالأسواق الإلزامية، إذ تُوضَعُ أُطُرٌ قانونيةٌ واضحةٌ لها وتراقبُها الحكوماتُ مباشرةً. وتُلزَم الشركاتُ قانونياً بتحقيق أهدافٍ كمّيةٍ لخفضِ الانبعاثاتِ سواءً بشراءِ التصاريح الحكومية أو بشراءِ الأرصدة الكربونية من الشركات التي لَم تستخدمها. ويضع هذا النظامُ آليّةً للعقوبات بالغرامات والضرائب على الشركات المخالِفة. وأشهرُ تلك الأسواق سوقُ الاتحاد الأوروبي لتجارة الانبعاثات التي أُطلِقَت سنة 2005، وهي حالياً واحدةٌ من أكبرِ أسواقِ تداول الكربون في العالم إذ غَطَّتْ حوالي 41 بالمئة من انبعاثات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سنة 2021.
ما يميّز آليّةَ الخفض والتجارة في سوقِ أرصدة الكربون هو إلزاميّتُها وتدخُّل الحكومات مباشرةً في كلِّ شيءٍ، سواءً في عملياتِ مراقبةِ الشهادات التي تَصدُر أو حتى عمليات التسعير. وبالتالي يمكن أن تكون فعّالةً في خفض الانبعاثات الغازيّة بخلقِ المحفِّزات الماليّة للالتزام بخفضِ الانبعاثات، وكذلك العقوبات في حالِ مخالَفةِ ذلك.
الآليّةُ الثانيةُ هي أسواقُ التعويضات، وفيها تشتري الشركاتُ أرصدةَ الكربون مباشرةً من شركاتٍ أُخرى تعمل في مجال الطاقة المتجدّدة مثلاً أو في مجال الحفاظ على الغابات، أو تشتري شهادات الكربون عبر شركاتٍ وسيطةٍ من السوق. تبيع تلك المشروعاتُ الأرصدةَ للشركات التي تعمل في تلويث البيئة حتى تَصِلَ بإضافةِ الشهادات إلى صفر انبعاثاتٍ على الورق. هذا النوع من المشروعات يسمح لشركات طيرانٍ مثل دلتا إيرلاينز ويونايتد إيرلاينز الأمريكيّتَيْن وغيرهما بأن تدّعيَ أنّ أنشطتَها كثيفةَ إنتاجِ الانبعاثاتِ هي أنشطةٌ صِفريّةُ الانبعاثات الكربونية، بشراءِ شهاداتِ كربونٍ تُعادِلُ ما تنتجه من انبعاثات. فإذا حصلت أيٌّ من شركات الطيران في الولايات المتّحدة على شهاداتٍ من شركاتٍ تعمل على الحفاظ على غابات الأمازون في أمريكا الجنوبية أو الكونغو في أفريقيا بما يعادل ما تنتجه من انبعاثاتٍ فحينَها تستطيع أن تدّعيَ أنها غير ملوِّثةٍ للبيئة وأنها صِفريّةُ الانبعاثات.
تسمح تلك الأسواقُ للشركات بأن تستمرّ في عملِها كما هي بدون تحمّلِ مسؤوليّتِها عن الانبعاثات الضارّة، لكنها تبحث عن غابةٍ في الهند أو في أفريقيا، وتدفع لشركةٍ أو لحكومةٍ مبلغاً من المال يضمن وجودَ الغابة مدّةَ سنةٍ على الأقلّ، ومن ثمّ يصبح كلُّ ما تَسحبُه الغابةُ من ثاني أكسيد الكربون بمثابةِ رخصةٍ للشركة في الاستمرار في تلويث الكوكب. غالباً ما تتعرّض تلك الأرصدةُ للتلاعب بطريقتَيْن. الأُولى بالتسجيل المزدوج، فالرصيد الذي أنتجَتْه الغابةُ في الهند غالباً ما يُحتَسَب للهند وللشركة الأوروبية أو الأمريكية التي اشترت أرصدةَ الكربون. فعلى الورق تنخفض الانبعاثات الكربونية في الهند، وكذلك في الولايات المتحدة، وهو ما لم يَحدُث في الأساس. فالغابة موجودةٌ وتجاهِد أشجارُها لتنظيف الهواء من قَبلِ شراءِ صكوكِها. والشركة الأمريكية ما تزال تضيف المزيدَ من أطنانِ الغازاتِ الضارّةِ في الهواء. كذلك تفتقد الكثيرُ من هذه المشروعات عاملاً مهمّاً وهو "الزيادة". فالشركات لا تستثمر في توسعةِ الغابات أو خلقِ مسطّحاتٍ خضراء جديدةٍ، بل تعتمد على شراءِ ضمانٍ للاحتفاظ بالغابة ومنعِ قطعِ الأشجار فيها آجالاً قصيرةً قد لا تتخطّى سنةً واحدة.
تصنَّف أسواقُ التعويضات ضمن أسواق الكربون الطوعية. وهي أحدثُ الاتجاهات في مجال تجارة الكربون، وتنمو سريعاً بفضلِ دعمِ كثيرٍ من الدول والحكومات، وتحديداً جماعات الضغط التابعة لشركات الوقود الأحفوري. تتمتّع هذه الأسواقُ بآليّات رقابةٍ أقلّ من جهة الحكومة، وتفتح المجالَ أكثر للسَمْسَرة وتجارة شهاداتٍ غير مبنيّةٍ على مشاريع محدّدةٍ يمكن للجهات المناخية المستقلّة أن تتحقّق منها وممّا تخفّضه من انبعاثات. إذ تشتري الشركاتُ الأرصدةَ بمشاريع تعويض الكربون (مشاريع الطاقة المتجدّدة أو الغابات على سبيل المثال)، أو بمنصّاتِ تداولِ الكربون التي تؤدّي دورَ الوسيط (السمسار) كما في مجالِ تجارةِ الأسهمِ والسَنَدات. لا تخضع أسواق الكربون الطوعية لرقابةٍ من الحكومات أو اللجان الدولية الخاصّة بالمناخ، وليس ثمّةَ إلزامٌ قانونيٌّ للشركات بالاشتراك في تلك الأسواق، ولا إلزامَ قانونيّاً بنوعية شهادات الكربون التي يمكن شراؤها عبر تلك المنصّات التي تقوم مقامَ السمسار. إذ تَصدُر عن طريق شركات إصدار شهادات الكربون شهاداتُ أرصدةِ كربونٍ لا تخضع للتحقّق، وتقوم بطرح تلك الشهادات على المستثمرين الأفراد والشركات من أجل شرائها، وتتحدّد الأسعار في هذه السوق وفقاً للعرض والطلب، ولكن غالباً ما تكون تلك الأسعارُ أقلَّ من الأسواق الإلزامية التي تتدخّل في تنظيمِها الحكوماتُ.
ولغيابِ الكثير من الأُطُر التنظيمية والرقابية تواجِه أسواق الكربون الطوعية تحدّياتٍ كثيرةً أبرزُها الخاصّةُ بالنزاهة وضمان عدم تحوّلِها إلى شهاداتٍ لغسيل السمعة لعدم تحقيقها خفضاً حقيقياً وإضافياً ودائماً في الانبعاثات. وأشارت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية في تحقيقٍ صحفيٍّ أَجرَتْه بالتعاون مع مؤسّسة "سورس ماتريال" وصحيفة "دي تسايت" الألمانية إلى أنّ أكثر من 90 بالمئة من الشهادات التي صَدّقت عليها مؤسّسةُ "فيرا"، إحدى أكبر المؤسسات الدولية في التصديق على شهادات الكربون، لَم تكُن تمثِّل تخفيضاتٍ حقيقيةً في الانبعاثات. ورَصَدَ التحقيقُ ثمانية عشر مشروعاً كبيراً لتعويض الغابات قد أنتجت ملايين من ائتمانات الكربون بناءً على حساباتٍ أدّت إلى تضخيم تأثيرها في الحفاظ على البيئة كثيراً. وتَبيّن أنّ شهادات الكربون التي ادّعت تجنّبَ إزالة الغابات، لم تنجح في الحدّ من فقدان الغابات أو تقليل ذلك.
أسبابُ لجوءِ مصر إلى خيارِ السوق الطوعية يمكن تلخيصُها في حافزَيْن. الأوّل هو العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، والثاني هو طموحُها في الاستفادة من مشروعات الطاقة المتجدّدة، وما يمكن أن تمثّله أسواق الكربون الطوعية من تدفّقٍ –ولو قليلٍ– للتمويلات الدولارية. يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأهمّ لمصر، فالتجارة مع الاتحاد تمثّل 27 بالمئة من التجارة الخارجية لمصر بقيمةٍ بلغت اثنين وثلاثين مليار دولار في 2023، بينها ما يقرب من اثني عشر مليار دولار من الصادرات المصرية التي تتركّز في قطاعاتٍ مثل الأسمِدة والحديد والأسمنت والحاصلات الزراعية. ولهذا تريد الشركات المصرية دخول أسواق الكربون الطوعية من أجل التخفيض الاسمِيِّ للانبعاثات الناتجة عن عملياتها، حتى لا تخضعَ لضريبةِ الكربون الأوروبية.
أعلن الاتحاد الأوروبي بدايةً من أكتوبر 2023 عن آليّةٍ لتعديل حدود الكربون، وهي آليّةٌ تتطلّب من المستورِدين الأوروبيّين الإبلاغَ عن الانبعاثات الكربونية المباشرة وغير المباشرة المضمَّنة في السِلَع التي يستوردونها من الخارج. وبدايةً من يناير 2026 سوف يَفرِض الاتحادُ الأوروبي تعريفاتٍ جمركيةً على الواردات من البلدان التي لا تلتزم بالحدود القصوى للانبعاثات التي يحدّدها الاتحاد، ممّا قد يؤثّر كثيراً على مُصنِّعي المنتجاتِ كثيفةِ الاستخدامِ للطاقة، ومنها الأسمِدة والحديد والحاصلات الزراعية وهي أكبر الصادرات المصرية لهذه السوق. وهذا ما يفسّر أسبابَ افتتاح شركةِ دالتكس للحاصلات الزراعية السوق الطوعية المصرية بشراءِ شهادات كربونٍ من إحدى مناطق إقليم البنجاب في الهند.
ويمثّل قطاعُ الطاقة المتجدّدة حافزاً آخَر للشركات المصرية. فمع نموّ الاستثمارات في هذه المشاريع في المستقبل، يمكن إصدار شهادات كربون بناءً على كونِها مشروعاتٍ منخفضةَ الانبعاثات. ودَرَسَت مصر فعلاً سنةَ 2022 إصدارَ شهادات كربون لمشروع بِنْبان، أكبرِ محطّات الطاقة الشمسية في البلاد. وقدّرت شركاتُ الوساطة أن يجمع المشروعُ مليارَيْ دولارٍ مقابل تقييم الحكومة للانبعاثاتِ التي يوفّرها مشروعُ الطاقة الشمسية، البالغةِ ثلاثة ملايين وستمئة ألف طنٍّ من انبعاثاتِ غازِ ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل عوادمَ مئةٍ وعشرين ألف سيارةٍ على الطُرُق، بالإضافة إلى زراعةِ ستمئةٍ وعشرين ألف شجرة. وحُسِبَ مبلغُ المليارَيْ دولار على أساس سعر الشهادات وقتَها سنة 2022. كان ثمن الشهادة التي تمثّل صكّاً بطَنٍّ واحدٍ من ثاني أكسيد الكربون دولاران فقط. أما الآن سنةَ 2025 فيُتوقَّع أن تَصِلَ حصيلةُ شهاداتِ بنبان إن أُصدِرَت إلى أربعةٍ وستّين مليون دولارٍ، بافتراضِ متوسّطِ بيعِ الشهادة من المشروع عند ثمانية عشر دولاراً.
الحافزُ الثاني هو رغبةُ مصر أن تستغلَّ الاستثمارات القادمةَ من الطاقة المتجدّدة لأقصى درجةٍ في توفير دخلٍ دولاريّ. لكنها تنافِس في ذلك أسواقاً خليجيةً قائمةً، خصوصاً الإمارات والسعودية الحاضرتَيْن بقوّةٍ عبر سلاسل الإنتاج والتوريد للطاقة المتجدّدة في مصر. إذ تَستثمِر الدولتان في مشروعات الطاقة المتجدّدة في مصر، كما في مجمّع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان جنوب مصر ومشروعات إنتاج الكهرباء من الرياح، إضافةً إلى المشروعات المستقبلية الطموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقة قناة السويس. ووقّعت مصر في السنوات الماضية كثيراً من الاتفاقات في مجال الهيدروجين الأخضر، وهو وقودٌ نظيفٌ ينتج عند التحليل الكهربائي للماء باستخدام كهرباء مولَّدةٍ من مصادر متجدّدةٍ مثل الرياح أو الشمس. وتشارك شركاتٌ خليجيةٌ تابعةٌ لصناديق سياديةٍ في تلك المشروعات ومنها شركة "مَصْدَر" الإماراتية و"أَكْوا باوَر" السعودية وغيرها من الشركات الخليجية التي تنشط في مجال التحوّل الطاقيّ.
يبدو إذن أنّ مصر قرّرت اتّباعَ طريقة دول الخليج في تقليل الانبعاثات. لكن المشكلة أنّ الانبعاثات في مصر قليلةٌ ومن ثمّ لا يجب أن تَنشَط مصر في ذلك الجانب، بل ينبغي أن تركّز على كيفية التأقلم مع الآثار السلبية للتغيّرات المناخية وليس تقليل الانبعاثات القليلة أساساً. تقع مصر في المرتبة السادسة والعشرين عالمياً من حيث كمّية الانبعاثات الكربونية التي تنتجها سنويّاً. ونصيب المواطن من الانبعاثات فيها قليلٌ للغاية، إذْ يُنتِج المواطنُ المصريُّ سنويّاً في المتوسط ما يساوي 1.9 طنّاً من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يقارب ثُمنَ ما يُنتجِه الفردُ في السعودية وعُشرَ ما يُنتجِه الفردُ في الإمارات. ولَدَى الإمارات والسعودية واحدٌ من أكبر معدّلات الانبعاثات الغازيّة في العالم بسبب إنتاج النفط والغاز الطبيعي.
أَطْلَقَت السعودية في 2022 ما يقارب 533 مليون طنٍّ من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، حسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، لتصبحَ بذلك في المرتبة العاشرة على مستوى العالم في أكثر الدول تلويثاً للكوكب. يمكن رؤيةُ ذلك أيضاً على مستوى الانبعاثات لكلِّ مواطنٍ، والتي تحتلّ فيها السعوديةُ المرتبةَ العاشرة على مستوى العالم. إذ يساهم الفردُ في السعودية بما يَقرُب من 14.6 طنّاً من ثاني أكسيد الكربون سنويّاً، حتى أنها تسبق الولاياتِ المتحدةَ في الانبعاثات لكلّ فرد. وتسهم عملياتُ استخراج البترول والصناعات البتروكيماوية في المملكة بالنصيب الأكبر من تلك الانبعاثات. وحقّقت "أرامكو" السعوديةُ، إحدى أكبر شركات الطاقة والكيماويات المتكاملة في العالم، 161 مليار دولارٍ من الأرباح في 2022. لَم يكُن هذا الرقمُ الضخمُ مُساوياً لأرباح الشركات الكبرى الأربع التالية في القائمة مجتمعةً فحسبُ، وإنما فاقَ أيَّ رقمٍ للأرباح السنويّة تحقّقه أيُّ شركةٍ في التاريخ بحسب أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة إكستَر آدم هنيّة. وهذا ما يشير لزيادةِ نفوذِ شركات النفط التي تمتلكها الحكومات بالمقارنة مع الشركات العالمية، وبروزِ دورِ الخليج محرّكاً أساسيّاً في النقاشات حول التغير المناخي. المعركةُ اليومَ ليست فقط مع شركات الوقود الأحفوري التقليدية في شمال العالم، وإنّما أيضاً مع شركاتٍ تقف خلفَها دولٌ في السعودية والإمارات وروسيا وغيرها.
تُخطِّط شركاتُ النفط العالمية وكذلك شركات النفط التي تديرها الحكومات للاستمرار في إنتاج الوقود الأحفوري. وحسب صحيفة "ذي غارديان" ثمّة خططٌ لدى تلك الشركات بالاستمرار في 195 مشروعاً ممّا يُسمِّيه خبراءُ المناخِ "القنابل الكربونية". وسوف تُسهِم كلُّ قنبلةٍ كربونيةٍ من تلك المشاريع بما يقارب مليونَ طنٍّ من ثاني أكسيد الكربون في مدّة عمل المشروع. وتَستحوِذ دولُ الخليج على ما يَقرُب من اثنين وثلاثين مليار برميلٍ من النفط في تلك المشاريع المستقبلية لاستخراج الوقود الأحفوري، وتحديداً في السعودية والإمارات وقطر. وتُشكِّل الدولُ الثلاثُ رأسَ الحربة في استمرار سياسات الاعتماد على الوقود الأحفوري في المنطقة. بيدَ أن هذا لَم يمنعها من أنْ تقودَ أيضاً بواقعِ الفوائضِ الماليّةِ الاستثماراتِ الماليّةَ في قطاع الطاقات المتجدّدة في كثيرٍ من دول المنطقة وأهمّها مصر، إذْ يحقّق هذا الاستثمارُ رؤيةَ الخليج بالاستمرار في الاعتماد على النفط أطولَ مدّةٍ ممكِنة. تتوقّع المملكة العربية السعودية وجاراتُها أن تعتمد أكثر على تغطيةِ احتياجاتها الداخلية من الطاقة بالطاقة المتجدّدة ما يوفّر كمّياتٍ أكبر من النفط والغاز للتصدير، إضافةً لنَيْل الوجاهة والتقدير الناتجَيْن عن خفضِ الانبعاثات الغازيّة.
ولَدَى كلِّ الدولِ في الخليجِ مستهدَفاتٌ كمّيةٌ للوصول إلى صافي انبعاثاتٍ صِفريةٍ، ومن ثمّ تأتي أسواقُ التعويض، بالأخصّ أسواق الكربون الطوعية، لتُجيبَ عن سؤال الخليج: كيف لدُوَلِه المبنيِّ اقتصادُها على الوقود الأحفوري أن تَصِلَ إلى صِفرِ انبعاثات كربونية؟ ببساطةٍ بشراءِ شهادات الكربون من خارج الخليج والسعيِ لإتمام المشروعات الطموحة لإحلال الطاقة المتجدّدة محلّياً محلَّ النفط والغاز.
لدى الإمارات وضعٌ مشابهٌ من حيث الانبعاثات، إذْ تُسهِم بما يَقرُب من 178 مليون طنٍّ من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً، أي بما يقارب 0.5 بالمئة من الانبعاثات العالمية، وتقع في المرتبة الثلاثين على مستوى العالم. لكن من حيث الانبعاثات لكلِّ نسمةٍ فإن الإمارات تقع في المرتبة السادسة على مستوى العالم. إذْ يسهم الفردُ في الإمارات بما يقرب من 18.9 طنّاً مكافئاً لثاني أكسيد الكربون. ولذلك تَشَكَّلَ لدى الإمارات حافزٌ لتقليل الانبعاثات عبر الأسواق الطوعية، وأطلقت شركتها الكبرى "بلو كاربون" في أكتوبر 2022، التي يمتلكها أحمد آل مكتوم أحدُ أفراد العائلة الحاكمة في دبي. وتشتري الشركةُ أراضيَ وغاباتٍ في إفريقيا تُصدِرُ من خلالها شهادات الكربون، وهذا هو مجالُ عملِها الأساسيّ. وقّعت الشركةُ منذ نشأتِها قبل أقلّ من عامَيْن اتفاقيّاتٍ مع حكوماتٍ إفريقيةٍ لاستئجار مساحاتٍ شاسعةٍ من الأراضي، بينها 10 بالمئة من أراضي ليبيريا وزامبيا وتنزانيا، و20 بالمئة من زيمبابوي. وبحسب تحقيقٍ صحفيٍّ لموقع "سورس ماتريال" فإن تلك المساحات كفيلةٌ نظريّاً بأن تعوِّضَ كلَّ الانبعاثات الغازيّة للإمارات إجمالاً، إذْ تمثّل تلك الأراضي في مجموعِها مساحةً مقاربةً لمساحة المملكة المتحدة.
أمّا مصر، فموقعُها مختلفٌ في ترتيب النقاش حول التغير المناخي في العالَم، فهي لا تساهم بقدرٍ كبيرٍ من الانبعاثات الغازيّة. كذلك لدى مصر مستوى معيشةٍ أقربُ للدول الإفريقية منه للخليج. إذْ عانت عقوداً من فشل النموذج التنموي، سواءً في نسخته المبنيّة على تدخّل الدولة في الاقتصاد إبّان الستينيّات، وحتى في نسخته النيوليبرالية منذ التسعينيات. عانت مصرُ من حينها وحتى اليوم من أزماتٍ متكرّرةٍ متصلّةٍ بالديون التي دفعتها لتخفيضاتٍ مستمرّةٍ في سعر الصرف، كان آخرها الأزمة الحالية التي فقد الجنيه فيها أكثر من 80 بالمئة من قيمته منذ 2016 وحتى اليوم.
لدى مصر انبعاثات كربونية قليلةٌ بالمقارنة مع عدد سكّانها الكبير الذي وصل 112.7 مليوناً. ومن ثمّ فإن سياساتها يجب أن تنصبّ على النموّ الإدماجي، أي القائم على قطاعاتٍ مثل التصنيع والإنتاج والقطاعات التي تَنتج عنها قيمةٌ مضافةٌ لأكبر عددٍ من البشر، بدلاً من النموّ الاقتصادي منخفض الانبعاثات. وهذا الأخير اتّخذته الحكومة المصرية هدفاً عبّرت عنه في الاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي 2050 التي أطلقتها على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغيّر المناخ "كوب 26" الذي عُقد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية في نوفمبر 2021. والمثال الأوضح هنا هو سعيُ مصر في السنوات الأخيرة إلى جذب الاستثمارات لقطاع البنية التحتية بشقَّيه الأخضر (الذي يستهدف الحفاظ على البيئة وتحسين جودة الحياة) وغير الأخضر عبر قروضٍ تأتي بتكلفةٍ مرتفعةٍ للغاية على الاقتصاد المصري. فيكفي أن نعلمَ أن أكبر مشاريع البنية التحتية في مصر حالياً هي مشاريع خضراء. على سبيل المثال، هناك مشروع القطار الكهربائي السريع، الذي يُتوقَّع أن تصل تكلفةُ خطوطه الثلاثة إلى ما يقارب 31 مليار دولار في 2022. جزءٌ كبيرٌ من تلك التكلفة هو قروضٌ توفّرها بنوكٌ دوليةٌ بمعدّل الفائدة السائد في السوق، ومن ثمّ فإنّ مشاريع كتلك من شأنها أن تثقل كاهل الحكومة المصرية بالمزيد من المديونية الخارجية وتعيق كثيراً من إمكانات النموّ الاقتصاديّ الإدماجي.ترى الحكومة المصرية في أسواق الكربون الطوعية، وغيرِها من آليّات التمويل الأخضر، فرصةً لحشد التمويل الأجنبي لاقتصادٍ مأزوم. قد تُوفِّر أسواق الكربون الطوعية فرصةً لجذب تمويلٍ من طريقٍ آخَر غير الديون، لكنها في النهاية تمويلاتٌ قليلةٌ جداً إذا ما قورِنَت بالتكاليف الاستثمارية لمشاريع البنية التحتية الخضراء الضخمة التي تتوسّع فيها الحكومة خلال السنوات الأخيرة دون جدوىً اقتصادية. ومن ثمّ تحتاج مصر أن تقود عملية التنمية الداخلية بآليّاتٍ تحشد فيها بجانب دول جنوب العالم الرأيَ العالميَّ لدفع تعويضاتٍ مناخيةٍ سنويةٍ للدول التي تتضرّر من الآثار المناخية السلبية. في سنة 2022 كانت تكلفة أكبر عشر كوارث مناخيةٍ حوالي مئةٍ وسبعين مليار دولار. وتتحمّل كثيرٌ من دول الجنوب التكلفةَ وحدَها، ولا تجد من يمدّ لها يدَ العون سوى بقروضٍ مناخيةٍ لا تختلف أسعارُ الفائدة عليها كثيراً عن القروض التجارية المعتادة، وذلك في ظلّ أزمة ديونٍ شديدةٍ في معظم دول الجنوب العالمي، ومنها مصر.
قد تمثّل أسواق تعويضات الكربون الطوعية فرصةً لجذب القليل من المال، لكنها في الوقت نفسه تُعفي الدولَ الغنيّة والملوِّثة من مسؤوليتها عن تعويض الجنوب العالمي عن أثر التغير المناخي. ويتعلّق الجزء الأكبر من تلك التأثيرات في دول الجنوب العالمي بالقطاعات التقليدية مثل الزراعة نتيجة التغيّرات في الطقس والفيضانات وغيرها من الآثار المختلفة للتغير المناخي. وهي آثارٌ مكلِفةٌ على اقتصادات دول الجنوب العالمي التي تعاني أساساً من ضعف مستويات التنمية وانخفاض العائد الاقتصادي، خاصّةً في القطاعات الاقتصادية التقليدية.
